126أن بعض فقهاء المسلمين حمل الذكر اللازم بعد المناسك في الآية على الذكر على الذبيحة 1 ، وهو في غاية البعد ، إذ لا علاقة للذكر على الذبيحة بالذكر المساوي لذكر آبائهم أو أشدّ ذكراً لمن أنصف ؛ فإنّ الذكر على الذبيحة ليس بحيث يساوي ذكر الآباء فضلاً عن أن يكون أزيد منه .
الرأي المختار في المسألة
ونحاول هنا ذكر تصوّراتنا عن الموضوع بعد استبعاد ما حسمنا ضعفه من الأدلّة السابقة ، ونعرض الأدلّة لنعرف في النتيجة ما هي معطياتها .
وحاصل ما يوجد - حسب الظاهر - من أدلّة على وجوب الذكر في الحج في الجملة وجوه أساسية لا بدّ من بحثها وهي :
الوجه الأوّل : قوله تعالى : [فَإِذٰا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفٰاتٍ فَاذْكُرُوا اللّٰهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرٰامِ وَ اذْكُرُوهُ كَمٰا هَدٰاكُمْ وَ إِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضّٰالِّينَ ] 2 .
وظاهر الآية وجوب الذكر بكل ما يصدق عليه أنّه ذكر من دعاء أو تكبير أو تهليل أو غير ذلك ، ومؤكّد الوجوب في الآية تكرّر صيغة الأمر مرتين فيها ، مضافاً إلى المقارنة مع الهداية الإلهية بناءً على أنّ المراد من «كما هداكم» أي بنفس الحجم الذي هداكم به ، وبما يساوق هدايته لكم ، فإن مثل هذا الذيل واضح الإصرار على طلبه الذكر بعد عظيم النعمة بالهداية الإلهية التي لا تقاس بها نعمة .
قد يقال : إنّ التعبير ب [وَ إِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضّٰالِّينَ ] موجب لاختصاص دلالة الآية بذاك الزمان ، حيث كان المسلمون كفاراً ثم اهتدوا بنعمة الإسلام ، أما في مثل عصرنا ، حيث يولد المسلمون مسلمين فلا معنى لانطباق هذا العنوان عليهم .
إلا أنّ هذا الكلام غير متين ، فإن الهداية الإلهية عامة شاملة للناس أجمعين ، وهي ذات ديمومةٍ واستمرار ، ولا تنحصر بالهداية من الكفر إلى الإيمان ، فبوحدة