127الملاك يعلم أن موجب الذكر واحد سيما بقرينة قوله تعالى : [وَ وَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدىٰ ] ؛ حيث صحّ التعبير بالهداية بعد الضلال رغم عدم وجود كفرٍ سابق .
وقد ذكرنا سابقاً المنع عن اندكاك الذكر المراد بالآية في مثل الصلاة ، إذ ظاهرها التأسيس لحكم جديد ، لا توكيد حكم آخر مما يحتاج عادةً وعرفاً إلى دليل وقرينة ، كما كنا قد ناقشنا مجمل الملاحظات المسجّلة على الاستدلال بالآية فليراجع .
الوجه الثاني : وفي الآية التي تليها فوراً قال تعالى : [ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفٰاضَ النّٰاسُ وَ اسْتَغْفِرُوا اللّٰهَ . . .] ، وهي دالّة على لزوم الاستغفار مع الإفاضة أو عقيبها ، والاستغفار لا يمكن دكّه في الصلاة أو نحوها مما هو واجب فيها ، كما هو واضح ، كما لا موجب لصرف ظهور الآية عن الوجوب .
الوجه الثالث : وفي الآية التي تليها فوراً ، قال تعالى : [فَإِذٰا قَضَيْتُمْ مَنٰاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللّٰهَ كَذِكْرِكُمْ آبٰاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً . . .] .
ومن الواضح أن الأمر في هذه الآية مؤكّد ، ولو بلحاظ «أشدّ ذكراً» ، وقد نقل المفسّرون أن العرب كانت - بعد قضاء المناسك - تتفاخر بآبائها ورجالها ، فأراد اللّٰه سبحانه أن يستبدل ذلك بذكره ، فأمر بذلك في هذه الآية الكريمة 1 .
وهذا ما يؤكّد أنّ القضية لم تكن صلاةً واجبةً يومية أو أمراً عابراً ، بل ظاهرةٌ ذُكْرِية ودعائية ملحوظة ، مطلوبةٌ من الشارع تعالى .