229
وعلى هذا النحو تبدو مكة، قبل الإسلام، بلداً آمناً، يأوي إليه المظلومون، والخائفون، ومن في حكمهم، لاعتقادهم في أمنها، وبركتها، وقد خلّد الشعراء القدامى هذه المشاعر النبيلة نحو مكة، وأمنها، واستقرارها.
المبحث السادس: الحَلِفُ ومقدَّسَاتها:
كثُر حَلِف العرب الجاهليين بالأماكن المقدسة، ولا سيما مكة والبيت الحرام، بصيغ مختلفة مثل: ورب مكة، واللّٰه، والبيت الحرام، وبيت اللّٰه، وما شابهها، وليس لذلك معنى إلا تلك المكانة الروحية الكبيرة لمكة في وجدان العرب، ويمكن الوقوف على أمثلة مما ورد في الشعر الجاهلي بالخصوص، من ذلك:
قول عَدِيّ بن زيد العبادِي، معاتباً النعمان بن المنذر على حبسه، وأخذ رأي الوشاة فيه، مقسماً برب الكعبة أنه وشاية الأعداء:
سعى الأعداء لا يَأْلُون شراً
عليك ورب مكة والصليب 1
وقول الشاعر قيس بن الخطيم في تصوير بياض لون حبيبته، إذ شبهها بالدرة المجْلُوة، مقسماً باللّٰه أنه يهواها:
كأنها درة أحاط بها ال
وفي قصيدة له أخرى في حرب شبَّت بين قومه وأبناء عمومتهم من الأوس،