228
وتنزل بلدةً عزَّت قديماً
وفي فترة من فترات الجاهلية، كثُرت الزعامات في قريش، فحصل بينهم تغالبٌ وتجاذبٌ، لم يكُفَّهم عنه سلطان، وبلغ الأمر أن حدث من بعضهم تعدِّ على حقوق الآخرين، كان مدعاة لهم إلى التحالف على رد المظالم، وإنصاف المظلوم، ومن ذلك مثلاً:
أنَّ رجلاً من اليمن قدم مكة معتمراً، ومعه بضاعة عرضها، فاشتراها منه رجل من بني سهم، فغَمَطه حقه، فقام اليمني على الحِجْر، وأنشد بأعلى صوته:
يالَ قصي لمظلوم بضاعته
فلما سمعته قريش ردَّت عليه ماله.
وأنَّ قيس بن شيبة السُّلَمي باع متاعاً له بمكة لأبي بن خلف، فأنكره حقه، فاستجار برجل من بني جُمح، فلم يُجره، فاستصرخ القرشيين قائلاً:
يال قصي كيف هذا في الحرَمْ
وحرمة البيت وأحلاف الكرم
أظلم لا يمنع عني من ظلم 3
وهو الآخر وَجَد من قريش إنصافاً.