201
بوادي الأراك، و تحنن جيادكِ بين يديكِ و وراءكِ، فباللّٰه إلّاما تركتِ ما عراكِ مِنْ مراك؛ كما أنّ ساكني سيّد العباد و لا فخر، و أقسمُ من غاباتي بالأسود، و من أكباد لأياتي بالحرار السود، و مِنْ أزهار رياضي بوشي البرود، و من أغصان نخيلي و أشجاري بكلّ قدّ المود، و من رياح بساتين بالعاليّة، و من سواقي جنان بكلّ ساقيةٍ جارية، و جاريةٍ ساقية، لئن لم تتركي بعض نفاركِ، و تلبسي ثوب وقارك، لأبعثنّ إلى مياهكِ مِنْ عيون نقّاد عيوني، مَنْ يُظهر زيف جيادها، و لأجردنّ إليها من معالمي جيشاً، يقلعُ خيام فخر جبالها بأوتادها!
وأمّا ما احتججتِ به من كلام الجمهور، وأنّ ذلك عندهم هو القول المشهور، فجوابك:
فرقٌ ما بين الدرهم و الدينار في الصَّرف، و النّاس ألفٌ منهم كواحد و واحدٌ كالألف، و أن إذا حقّقتِ المآخذ و المدارك، تيقّنتِ كمالي فوق كمالكِ، و إذا أنعمتِ النظر حَقّ الإنعام، فمالكِ كمالكِ، و حَسْبُكِ مِنْ دحوض حُجّتكِ و الانقطاع، أن ما ضَمّ أعضاءهُ صلّى اللّٰه عليه و آله، أفضل الأرض بالإجماع، وهاك خُذي من الفضائل ما ليس مُثبتاً في بطاقتكِ، ومن كُوى المفاخر ما يكون فوق طاقتكِ، أليس أنّ الطاعون لا يقربُ مقامي و لا يدخل، كما لا يدخُل الدجّال باباً من أبوابي؟ ! فهل لكِ في هذه المسألة قولٌ أو عمل؟
كلّا واللّٰه، بل لا ناقة لكِ في شرح هذه الخصوصيّة و لا جَمل، و ما برح سُكّاني يؤدّون من واصل من كلّ واصلٍ و واردٍ عليهم، و كذلك أيضاً يحبّون مَنْ هاجر إليهم و لا يستبدّون بشيء عن جارهم و لا يستأثرون، [ وَ لاٰ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حٰاجَةً مِمّٰا أُوتُوا وَ يُؤْثِرُونَ ] 1
.
فاسبُلي عليكِ أستار حُجبكِ، و أقلّي مِنْ تيهك و عُجْبِكِ، وارجعي مِنْ قريبٍ إلى ربّكِ.