200
يركب حدّ السيف من أن يضيمه
إذا لم يكن عن شفرة السيف مرحل
و عجبتُ منكِ كيفَ تَفتخرين بوادِيكِ و بَواديكِ، و ينادي مناديكِ بناديكِ، و هنا أقول:
ليس بعشّك فأدرجي، و لا بمقامكِ فاخرُجي، و حين وصلتِ إلى هذا المعترك، وحصلتِ في الحبالة، و وقعتِ في الشَّرك، وأمكنتِ الرّامي مِن الرَّمية، و أرخيته من هذه القضية؛ فمتى ذُكِر لسموك نسيمي العليل، صار قلبه بحرّه مريضاً أو كالمريض، أو عارض فضائي الواسع ما بين مأزميك، وقع معه في الطويل و العريض، أو عاينت شجراتكِ مِنْ نخيلي تلك الثمرات، تقول قلوبها غمرات ثمّ تبخلين، و لكن لا تبخلي تلك الغمرات، أو شاهد واديكِ خلال أسحار وادي العتيق ظِلال تلك السَّمرات، يتلهّفُ أسفاً على ما فاته من ذلك، و يتلهّب بالزَّفرات، فلا جَرَم كان في قلبه لذلك جمرات، و مهما بدتْ لك غابتي فررتِ من زئير آسادها، أو لاحتْ لكِ العوالي من جِناني رُدّت سيوفُ فَخركِ إلى أغمادها.
أمّا سمومكِ تذوبُ منه كلّ كبدٍ حرّى، و كلّما خلا وقتٌ فيك مرّ سريعاً، و أعقبَ مفارقه صبراً، فأنتِ من جبالك مع أرضي الواسعة في ضيق، فلتُسافر عين شِعابكِ الضيّقة في فسيح أرضي و ليمرّ بي، فأنا على الطريق، و ما برحتْ تطيفُ من الأكباد برياضي البهيجة حرارها، فتطفئ بنسائمي الأرّجة نارها، و يخبو أوارها.
واعلمي أنّك متى قابلتني بنحرك، كففتُكِ بكفّ حُجّتي، ولم أدفع مقالتكِ بصدري، أو تبذلتِ في حنينكِ قابلتكِ من الجمال ببدري، و إنْ جَلَوتْ عروس كعبتكِ، أتيتُ من المليّ بالبهاء والكمال بالبرهان الجليّ، أو افتخرتِ بطوافكِ و عُمركِ، افتخذتُ من مقام الجمال و الجلال بِعَلِيّ، و إن أجريت ذِكْر زمزمكِ و مصافيك، أو مراعي شِعابك و واديكِ؛ فاسمعي ثمّ أنظري، فليس الخبر كالعيان، ماءٌ و لا كصدا، 1و مرعى و لا كالسّعدان، 2و إن يكن عندكِ المشروب فعندي
الساقي، أو سليم المحبّة فلديّ الصاعد، في دَرْج المعالي و الراقي، و أراكِ تفخرين