199
مغانيك، لأُجرِّدن إليكِ مِنْ مفاخري جيشاً ما لك به يدان، و لأفنيِينَّ أنصاركِ بكلّ هاشمي خؤولته بني عبدالمُدان، فقفي عند حدِّكِ، فكم تُرهبين بخرزكِ و مَدّكِ، وتكيلين بصاعك و مُدّكِ، و لا تكوني كالباحث عن حتفه بظُلفه، فمقتل المرء بين فكّيه، و رُبّما قُتل الإنسان بسيفه، و إيّاكِ و بأسي العتيد، و بطشي الشَّديد، وإن كان لسان فخركِ ذهباً أو فضّة، فلساني حديد، و حَذارِ حَذار مِنْ شفار النفار، ونصال نضال النظّار و النُّقار، فقديماً قيل:
توقّ مُعاداة الرجال، فإنّها مكَدِّرةٌ للصَّفو مِنْ كلّ مشرب، و لا تستثر حوبا، وإنْ كنتَ واثقاً بشدّة بأس، أو بقوّة منكبٍ،
و لا يشربُ السُّم الذعاف أخو حَجىٰ
مُدلاً بدرياقٍ لديه مجرّبُ
ويكفيك من شرفي أنّ الجمهور يحكم لي عليك بالغلبة و الظهور.
* فلمّا سمعت المدينة كلامها، ضَرَبَتْ طبولها، و نَشَرتْ أعلامها، وبرزت بروز الأسد من غابه، والسَّيف من قِرابه، وقالت:
ويحكِ! ! أتستصغرين قَدْري، وتحتقرين أمري، و أنا جذيلها المحكك، وعُذيقها المرجّب، و سنانها المدرّب، وفارسها المجرّب، فواعجباً! تستخفّين ثمّ تستخفين، و تستكفين و لا تكفين، أما بلغكِ أنّ البادىءَ أظلم، و أنّ دفع الشرّ بالشرّ أحزم، أما سمعت قول الأوّل:
دَع الشرّ و انزل بالنَّجاة بمعزلِ
و قول الآخر:
إذا أنتَ لم تنْصِف أخاك وجدته
على طرف الهجران إن كان يعقلُ