194
ويكِ ارفعي ذيلَ إعجابكِ، و خفّفي فقد آذتكِ بعض أثوابكِ، هيهاتَ أين النجم مِن البدر، و القَطرُ من البحر، «و لكن اليوم خمرٌ و غداً أمر» 1.
فإنْ كان فيكِ مقامُ الخليل؛ فعندي المقام الجليل، و إنْ كانت كعَبتُك بثيّنة الحَسَن؛ فحالي كلّه جميل، و إن فخرتِ بالبيت المقابل للبيت المعمور، فكلُّ بيتٍ من بيوتي بنُور الحبيبِ معمور، و إنْ أتيتِ بالصَّفا أتيتُ بالنبيّ المصطفى، وإنْ جئتِ بالتَّنعيم جئتُ بروضةٍ من جنّات النعيم، و إن نظرتِ إليَّ من عين البيت وزمزم بالمقلة السَّوداء، قابلتُكِ بالقُبّة الخضراء، و بهرتُكِ من بيت مال فخاري بالبيضاء و الصَّفراء، و نظرتُ إليكِ من عيوني بالعين الزَّرقاء، و إنْ كانَ بيتكِ عين الوجود، و ظفَرْتِ بالحَجَر المكرّم - و مثله لا يُضاهى و لا يُباهي - فعندي:
إنسانُ عين الكون سِرُّ كَماله
ياسينُ اكسيرِ المَحامد طاها
وأمّا ما ذكرتِ من تضعيف صَلاتكِ و تكثير صِلاتك؛ فالتضعيف يحتاجُ إلى طبيبٍ حاذقٍ، فإنّه ضعيفٌ و لم يُسلّم سَنَده و لا متنه بأسنّةِ ألسنة النُقّاد مِنَ الطّعن و التجريح.
و أمّا حديث فضل مسجدي؛ فشائعٌ سائغٌ للشاربين منه المحض الصريح، فإنْ كان حولكِ من الملائكة صفوفٌ؛ ففيّ من صفوف الملائكة ألوف، أوَ ما بلغكِ أنّه ينزلُ في كلّ يومٍ و ليلةٍ بعد صلاة الفجر و العصر، على الضَّريح الشريف، سبعونَ ألف ملكٍ، ثُمّ لا يعودون إليه آخرَ الدّهر.
و أمّا ما ذكرتِ من أنّ فيكِ كان مولد النّبيّ المعظّم، و بكِ كان مسقطُ رأسه الرفيع المكرّم؛ فصدقتِ، و لكن ولدتيهِ و ربيتهِ و أخرجتيهِ، و آويتُه و خذلتيه، ونصرتُه و عققتيه، وبررته، و كان بطني و حجْري فناءه، و كنتُ له اُمّاً شفيقة، وبه - و للّٰهالحمد - رفيقة، و ذلك كما قيل: بجدّي لا بكدّي، و بتوفيق اللّٰه كان سعدي.