193أفي صفاتك كالصَّفا، أم في نعيمك كالتّنعيم؟ ! 1
أم هل قام لكِ مكانٌ مقام إبراهيم، و هل حدا حادي مياهك بمثل المصافي و زمزم؟ !
أو تحقّقتْ علمُ كيمياء السّعادة، و ظفرت بالحَجَر المكرّم؛ الَّذي هو كالمُقلة السوداء في البيت، أو كمشكاةٍ فيها من الجنّة زيت؟ !
فاربعي 2على نفسكِ، و إيّاك أن تترفّعي على أبناء جِنْسكِ؛ فإن كانت
الصلاة في مسجدِكِ بألفٍ، فهي بمسجدي بمائة ألف، و حول بيتي من الملائكة الطّائفين و المصلّين كم من صفّ.
و إنْ فخرتِ بحلول الشفيع 3، ففيّ كان مسقط رأسه الرفيع:
بلادٌ بها نيطتْ عليّ تمائمي
و أوّل أرضٍ مسّ جلدي تُرابُها
فأقلّي من هذا الفخر، فربّما ذُمّ الفخور، و المتشيع 4بمالم يؤتِ كلابس ثوبي
زور.
فلمّا سمعت المدينة هذه المقالة، اشتعلت 5اشتعال الذّبالة، و بَرَزتْ بين
أنصارها و أعوانها كالبدر وسط الهالة، و قالت:
ياللّٰه العَجَبُ مِنْ دفع الحقّ و قد وجب! قولٌ و لا معني، أسمعُ جعجعةً و لا أرى طَحْناً، ما هذا الفعل الذي أتيتِ؟ ! لقد وَقَعتِ فيما أبيتِ، وارتكبتِ ما عنه نهيتِ:
لا تَنْه عَن خُلُقٍ و تأتي مثله
عارٌ عَلَيك إذا فَعَلْتَ عظيمُ