79محرور وإن الحرّ يشتدّ عليّ، فقال: أما علمت أنّ الشمس تغرب بذنوب المحرمين (المجرمين)» 1.
وهذه الرواية يتوقّف فيها - رغم سندها الصحيح - كونها تخالف القواعد الأساسية في الفقه الإسلامي، وذلك إذا فهمنا من السؤال الثاني للراوي صورة الضرر المعتدّ به عند تعرّضه لشدّة الحرّ الحارق، فإن المفروض أنه يجوز له التظليل، غايته أنّه مع الكفّارة لإبقاء الوجوب المحكوم لدليل رفع الاضطرار كما هو المقرّر في علم أصول الفقه.
وأمّا إذا فهمنا من ذلك، صورة شدّة الحرّ عليه، دون أن يلزم منه ضرر أو حرج شديدان، فإن الرواية تكون تامّة، وتؤكّد أن في هذا الحكم - حرمة التظليل - تشديد وتحفظ شرعي واضح خلافاً لما تقدّم عن بعض المعاصرين.
الرواية التاسعة: خبر القاسم بن الصيقل قال: «ما رأيت أحداً كان أشدّ تشديداً في الظلّ من أبي جعفر عليه السلام، كان يأمر بقلع القبّة والحاجبين إذا أَحرم» 2.
والرواية - كما أشار البعض 3- ليست قويّة الدلالة، لأن فعل الإمام عليه السلام ذو دلالةٍ صامتة، فلا يدلّ على الوجوب إلّابقرائن، والتشديد المذكور ربّما يكون للكراهة الشديدة مثلاً، وإن كان فيه إشعاراً بالوجوب.
الرواية العاشرة: صحيحة عثمان بن عيسى الكلابي قال: قلت لأبي الحسن الأوّل عليه السلام: «إنّ علي بن شهاب يشكو رأسه، والبرد شديد ويريد أن يحرم، فقال:
إن كان كما زعم فليظلّل، وأمّا أنت فاضحَ لمن أحرمت له» 4.
والرواية بحسب الظاهر تامة سنداً، وإن كان عثمان بن عيسى من كبار الواقفية المعروفين، فقد وثق في كتب الرجال، وأما من حيث الدلالة فهي واضحة