93عظمتها كما ينبغي، إنّها رحلة نحو عالم البقاء.
وروي أنّ الامام جعفر الصادق عليه السلام لمّا استوت به راحلته عند الإحرام كان كلّما همَّ بالتلبية انقطع الصوت في حلقه، وكاد أن يخرّ من راحلته. فقال له ابن أبي عامر: قل يابن رسول اللّٰه، ولابد لك من أن تقول.
فقال: «يابن أبي عامر كيف أجسر أن أقول: لبّيك اللّهمّ لبيّك وأخشىٰ أن يقول عزّوجلّ لي: لا لبّيك ولا سعديك» 1.
فمن هنا يتوجّب علينا معرفة سرّ الإحرام، وسرّ الطواف، وسرّ السعي، وسرّ الرمي، وهكذا المناسك الاُخرىٰ، فلكلّ منها سرّه الخاصّ به، ولكلّ منها معناه الذّي يجب أن نستوعبه وندركه، فبإدراكه تزداد الأواصر الروحيّة بين العامل والعمل.
قد يتوهّم البعض ويرىٰ أنّها مجرّد مناسك فقهيّة ليس إلّا- أي أنّها خلو عن ظاهرة العشق والذوبان فيها - بيد أننّا نؤدّيها ونجدّد عهداً وبيعة مع الخالق عزوجلّ من خلال ما استوعبناه من معانيها النورانيّة، وهي وسائل القرب منه، نسير باتّجاهه تبارك وتعالىٰ مع الجموع الغفيرة المتدفّقة في البقاع الطاهرة التي جُعلت قبلة للمسلمين، ومحطّة لأنظار المؤمنين.
ونحن إن وصلنا إلىٰ هكذا مرحلة فنكون قد حججنا الحجّ الإبراهيمي، وسيطلق علىٰ كلّ منّا كلمة «الحاجّ» ، وإلّا فسوف نرجع من غير حجٍّ، لم نحمل غير هموم ومشاقّ السفر معنا.
وممّا أنعم اللّٰه به علىٰ عباده المؤمنين، يوم عرفة، ذلك اليوم المبارك الّذي تتنزّل فيه الرحمات، وتُقال العثرات، وترفع الدرجات، إنّه يوم عظيم