92
للأنام، يردونه ورود الأنعام، ويألهون إليه 1ولوه الحمام، وجعله سبحانه علامةً
لتواضعهم لعظمته، وإذعانهم لعزّته، واختار من خلقه سمّاعاً أجابوا إليه دعوته، وصدّقوا كلمته، ووقفوا مواقف أنبيائه، وتشبّهوا بملائكته المطيفين بعرشه، يحرزون الأرباح في متجر عبادته، ويتبادرون عنده موعد مغفرته. . .» 2.
وقال علي عليه السلام أيضاً: «ثمّ أمر آدم عليه السلام وولده أن يثنوا أعطافهم نحوه 3، فصار مثابةً لمنتجع أسفارهم 4، وغايةً لملقى رحالهم، تهوي إليه ثمار 5الأفئدة من مفاوز 6قفارٍ سحيقةٍ ومهاوي 7فجاجٍ 8عميقةٍ، وجزائر بحارٍ منقطعةٍ حتّىٰ يهزّوا مناكبهم ذللاً. . . ابتلاءً عظيماً، وامتحاناً شديداً، واختباراً مبيناً، وتمحيصاً بليغاً، جعله اللّٰه سبباً لرحمته، ووصلةً إلىٰ جنّته» 9.
وقد نرىٰ نبيّنا صلى الله عليه و آله قد أثبت عدّة مواقيت باتّجاهات مختلفة ينفذ الحاجّ منها إلىٰ مكّة المكرّمة، وهذه المواقيت هي بمثابة أبواب زيارة بيت اللّٰه الحرام، وهي أبواب الرحمة الواسعة قد فتحت أمام ضيوفه، والحاجّ حيث وروده من تلك الأبواب يجب عليه أن يراعي الآداب والسلوكيّات الرفيعة، متجرّداً من كلّ ما يعلّقه باُمور دنياه ومتعها الرخيصة، وأن يصفو فكره وروحه وجسده نحو ربّه تعالىٰ في بيته الحرام، مبتدئاً رحلة العبادة النورانيّة الحقّة الّتي لايدرك مدىٰ