71وقد يناقش بأنّ الرمي على الجمرة أو من أعلاها في الروايتين لا يعني الوقوف على العمود على تقدير وجوده، أمّا خبر البزنطي فظاهره رمي الجمار حالة كونها عن يمين الرامي، فكأنّه يريد أن يقول: حالة الرمي كن كما تكون بالنسبة للكعبة حال الطواف فاجعلها على يمينك وارمها وأنت على هذه الحالة، ولا تواجهها فتقف عليها، بمعنى تقف قريباً منها وجهاً لوجه فتكون أمامك، وهذا أجنبي - كما ترى - عن كونها عموداً أو غيره.
وأمّا رواية ابن عمّار: «فارمها من قبل وجهها ولا ترمها من أعلاها» فهي خاصّة بحسب صدرها بجمرة العقبة، فيكون المعنى خذ وجهها الذي هو من ناحية الطريق فارمها من طرفه، ولا تصعد على التلّ فترمها من الأعلى، وكلمة «أعلاها» لا تعني - كما فُهم - أنّ للجمرة أعلى وأسفل، وأنّها تقع في منحدر فيرمى القسم الأسفل منها أمّا الأعلى فلا، أو يرمى من جانب الأعلى لا الأسفل بحيث لا يتمّ ذلك إلّافي صورة الأرض وكومة الحصى، بل المقصود - كما أشرنا سابقاً أنّ الرمي يكون من جهة ما هو أعلى منها وهو التلّ، أي من المكان الذي هو أعلى منها، فهذا هو الظاهر عرفاً، وهو متساوي النسبة بين أن تكون الجمرة عموداً أو كومة حصى. فإذا كانت عموداً يصدق برميها من التلّ أنّها رميت من الأعلى.
الرواية الثالثة: رواية الفقه الرضوي: «وإن رميت ودفعت في محمل وانحدرت منه إلى الأرض أجزأت عنك» ، وفي نسخة اُخرى: «إن أصاب إنساناً ثمّ أو جملاً، ثمّ وقعت على الأرض أجزأه» ، فإنّ التعبير بالأرض إشارة إلى المرمى لا مطلق الأرض، وهو ما يدلّ على أنّ المرمى لم يكن عموداً كما هو عليه الآن 1.
ويناقش: بأنّ الاستعاضة عن كلمة الجمرة أو الجمار أو الجمرات أو المرمى