70ذلك أنّ الرمي قد يكون من التلّ الملاصق لجمرة العقبة، وقد يكون من على ظهر الجمل كما جاء جوازه في الروايات، وقد يكون الرمي منحنياً كما هو المعتاد لمن بَعُدَ عن جسم الجمرة فتسقط الحجار على الجمرة، ويصدق أنّه قد وقع عليها الحجر، وأمّا أنّ الحجر ليس له طاقة إصابة الجمرة على تقدير إصابته لإنسان أو بعير فهو أمرٌ غير واضح ذلك أنّ الجمل أعلى من الجمرة، وهكذا لو لاحظنا التلّ الملاصق لجمرة العقبة، ولم تفرض الرواية أنّ هذا الأمر كثير الوقوع، فإمكان وقوعه وتحقّقه وارد فلا يكون دليلاً على عدم وجود جمرة هي العمود.
هذا مضافاً إلى نقطة هامّة ربّما تكون أُغفلت في هذا البحث، وهي أنّ البحث تارةً يدور حول وجود الأعمدة في سالف الأزمان وعدم وجودها، كما هو مجال الأخذ والردّ فعلاً بين من بحث هذا الموضوع، واُخرى يكون في أنّه على تقدير وجود الأعمدة فهل اللازم شرعاً إصابتها أو يجزئ إصابة الحصى المجتمعة حولها، فإنّ هذا بحث آخر حكمي فيما الأوّل بحث موضوعي خارجي، وليس من ملازمة بحسب الطبيعة الأوّلية كما هو واضح.
وعليه، فإذا تمّ - تنزّلاً - أنّ المراد بالجمار هنا هو الأحجار الصغار، فأقصى ما يفيد إجزاء الوقوع عليها - بقطع النظر عن البحث اللغوي القادم - لا عدم وجود عمود، ولا أقلّ من تساوي النسبة للدلالتين بحيث يمنع عن انعقاد ظهور.
الرواية الثانية: خبر البزنطي عن الرضا عليه السلام: «واجعلهنّ على يمينك كلّهن، ولا ترمِ على الجمرة» ، فإنّه لا يمكن الوقوف على العمود لرميه، وإنّما يصدق لو كانت الجمرة مجمع حصى، ونحو هذه الرواية خبر معاوية بن عمّار أيضاً، وخبر الفقه الرضوي، ورواية دعائم الإسلام 1.