69هذه حصيلة الوجوه التي ذكرت لإثبات أنّ الجمرة زمن صدور النصّ كانت هي الأعمدة الحاليّة، أمّا البحث في مقتضى الدليل اللغوي فنرجئه إلى ما بعد استعراض أدلّة الطرف الآخر.
وقد تبيّن ضعف هذه القرائن، واجتماعها وإن كان يزيدها قوّة غير أنّ الانصاف، أنّه لا يبلغ بها درجة الوثوق والاطئمنان المطلوبين، سيّما مع معارضتها بأدلّة الطرف الآخر التي سيأتي حالها.
أدلّة القول بأنّ الجمرات هي الأرض أو مجمع الحصى
يبدو أنّ أوّل من صرّح بهذا الأمر وفتح النقاش حوله هو الشيخ ناصر مكارم الشيرازي (حفظه اللّٰه) - بعيداً عن ما يمكن أن يقال إنّه موقف متقدّمي الفقهاء - وقد ذكر جملة وجوه لإثبات رأيه أهمّها ما يلي:
الوجه الأوّل: الروايات - حيث تشير إلى أنّ الجمرات هي مجمع الحصى - وهي:
الرواية الاُولى: صحيحة معاوية بن عمّار عن الصادق عليه السلام: «فإن رميت بحصاة فوقعت في محمل فأعد مكانها، وإن أصابت إنساناً أو جملاً ثمّ وقعت على الجمار أجزأك» 1، فإنّ التعبير ب «وقعت على الجمار» وليس أصابت الجمرات - سيما بقرينة الجمار والتي تعني لغةً صغار الأحجار، وبالأخصّ أنّ الحجر إذا أصاب بدن إنسان ليس له قدرة إصابة الأعمدة - يدلّ على أنّ الجمرات هي الأرض ومجمع الحصى 2.
ويناقش: إنّ تعبير «على الجمار» لا يرجّح أنّ الجمرات هي كومة الحصى،