۴۴عرفات، وهو غير جائز.
ثمّ يواصل الرازي الذي ذكر هذا الإشكال في تفسيره، يواصل قوله:
فإن قيل: لِمَ لا يجوز أن يقال: هذه الآية متقدّمة على ما قبلها.
والتقدير: فاتّقون يا أُولي الألباب، ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللّٰهَ إِنَّ اللّٰهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ، لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللّٰهَ .
وعلى هذا الترتيب، يصحّ في هذه الإفاضة أن تكون تلك بعينها.
ويجيب الرازي: هذا وإن كان محتملاً، إلّاأنّ الأصل عدمه، وإذا أمكن حمل الكلام على القول الثاني - الذي سيأتي - فأيّ حاجة بنا إلى التزامه؟ ! ١هذا وأنّ عطف الشيء على نفسه يعدّ تكراراً لمفاد الجملة الأولى وهو لايليق بكلامه تعالى، والتقدير المذكور خلاف السياق الثابت للآيتين وللترتيب المجْمَع عليه.
وقد أجابوا: بأنّ «ثمّ» هاهنا على مثال «ما» في قوله تعالى: وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ* فَكُّ رَقَبَه إلى قوله: ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا أي كان مع هذا من المؤمنين، ويقول الرجل لغيره: قد أعطيتك اليوم كذا وكذا، ثمّ أعطيتك أمس كذا، فإنّ فائدة كلمة (ثمّ) هاهنا تأخّر أحد الخبرين عن الآخر، لا تأخّر هذا المخبر عنه عن ذلك المخبر عنه ٢.
وهناك تقدير آخر ذكره صاحب مجمع البيان حيث قال: وممّا يسأل على الأوّل (أنّ المراد به الإفاضة من عرفات) .
أن يقال: إذا كان ثمّ للترتيب، فما معنى الترتيب هاهنا؟