204النصر للمظلوم - قائماً حيّاً يعمل به، وأكّدته الصحيفة والتزمت به، سواء أكان المظلوم مسلماً أم يهوديّاً، وهو ما ذكرناه في سبب نزول الآيات 105 - 113 من سورة النساء.
وبما أنّ المدينة هي عاصمة الدولة الإسلاميّة، والأعداء يحيطون بها، والمنافقون مازالت مؤامراتهم مستمرّة في داخل المدينة، فالوضع الأمني يفرض على الدولة اتّخاذ ما تراه مناسباً، ولهذا حرّمت كلّ نشاط أو تحرّك يتمّ بعيداً عن أنظارها، أو يخترق سلطتها أو سيادتها أو أمنها، ولهذا ورد البند (وأنّ يثرب حرام) .
ثمّ راحت الصحيفة تقرّ مبدءاً من مبادئ التكافل والتضامن الاجتماعي وهو مبدأ الجوار، فجعلت الجار كالنفس، فكما أنّ الإنسان يدافع عن نفسه ومن يلوذ به عليه أن يدافع عن جاره ويحفظه شريطة عدم التجاوز على العدالة والقانون، فقالت: (وأنّ الجار كالنفس غير مضارّ ولا آثم) .
وأنّه لا تُجار حرمة إلّابإذن أهلها.
ذهب بعضهم إلى أنّ مرجع الضمير هو يثرب، والذي أراه أنّ مرجع الضمير هو أهل الصحيفة، لأنّ أي حرمة إن اُجيرت بدون إذن أهل الصحيفة فهو اعتداء واضح على بنود الصحيفة وأهدافها ومشروعيّتها، وفسح المجال للآخرين ممّن هم خارج اُمّة الصحيفة للتآمر على أبناء الصحيفة.
وإذا قلنا: بأنّ مرجع الضمير هو يثرب، فأهل يثرب بعضهم لم يوافق على الصحيفة، بل بعضهم مدّ جسوراً مع أعداء الاُمّة الجديدة التي أنشأتها الصحيفة، وبعضهم نقض بنود الصحيفة بعد أن وافق عليها.
كلّ هذا يمنع من عودة الضمير إلى يثرب دون تخصيصه بأهل الصحيفة سواء أكانوا من أهل يثرب أو خارجها، ويبدو أنّ لهذا البند علاقة ببند سابق وهو (وأنّه