203هذا النصّ بطوله يتناول بنوداً - إضافة إلى ما مرّ - متعدّدة، كلّها تقريباً تتناول وضع اليهود وما لهم من دور في الحياة، وعلاقاتهم بالمسلمين ووظائفهم وما يجب عليهم هم ومواليهم وبطانتهم وحلفاؤهم، وما لهم من حقوق.
فحكم موالي اليهود وبطانتهم حكم اليهود أنفسهم ما داموا مواظبين على الالتزام بالصحيفة، فلا يدخلون في حرب ضدّ المسلمين ولا يتآمرون عليهم.
وقد منع البند الآخر أن يخرج أحدهم إلّابإذن من رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله بوصفه رئيس الدولة، سواء أكان الخروج من المدينة إلى مكان آخر حفظاً لهم أو تحفّظاً منهم، أم كان المقصود بالخروج المذكور هو الخروج عن تحالفاتهم رعايةً للتوازنات في مجتمع الصحيفة.
وقد رفض البند التالي مسألة الثأر، وليس لصاحب الدم أو لوليه وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً أن يأخذ حقّه عبر الثأر، بل عليه أن يعيد الأمر إلى السلطة القضائيّة لتقتصّ من الجاني، وأن لا تتعدّى الجناية ومسؤوليّتها إلى غير الجاني انطلاقاً من الآية وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى 1.
وفي البند الأخير من حزمة البنود المذكورة، اعتراف واضح باستقلاليّة أموال كلّ من اليهود والمسلمين، ولكنّ الطرفين يتحمّلان النفقات العسكريّة والدفاعيّة. وعليهم يقع النصح والنصر ضدّ الأعداء، فهو تعاون وتآلف على البرّ دون العدوان.
وممّا يلفت النظر أنّ ذيل هذا البند يشير إلى أنّ الحليف والموالي إذا ارتكب جريمةً فهو بذاته يتحمّل المسؤوليّة دون القبيلة التي تحالف معها، على عكس ما كان دارجاً، وهو أنّ القبيلة مسؤولة عمّا يرتكبه حليفها، ويبقى المبدأ الفاعل - وهو