173ولم يتوان جلال في كتابة مذكراته، إلىٰ حين عودته، مثلما فعل غير واحد من الحجّاج ممن كتبوا مذكراتهم بعد عودتهم إلىٰ مواطنهم، وإنما حرص علىٰ تسجيل ما يعاينه مباشرة، كانت كتابته آنية، يسترق دائماً لحظات، فيخلو بها، ويعكف علىٰ تعزيز يومياته، والإضافة إليها في كل مرة يلفت نظره فيها موقف يستحق الذكر، فمثلاً تتمدّد كتابته في بعض الأيام، بحسب زحمة حركته، ووفرة لقاءاته، أو تتقلّص، عندما يضطر للمكوث في المسكن، ولا يلتقي الآخرين.
4- تصنف رحلة آل أحمد إلى البيت الحرام، في النصوص الأدبية الفريدة، المدونة باللغة الفارسية، في العصر الحديث، فإن نصه يوظّف الموروث الحكائي، والفلكلور، والسخرية، ويبدع في صياغة نموذج مميز للسرد.
ويذهب بعض النقّاد إلىٰ أن أسلوب جلال طوّر الأدب الفارسي، لأنه يصوغ عباراته ببيان يمزج فيه بين اللهجة الدارجة واللغة الفصيحة، وتتشكل نصوصه من جمل قصيرة، وأحياناً لا تحتوي الجملة التي يصوغها علىٰ فعل في تركيبها، ومع ذلك تعبر عن معناه بوضوح.
وربما كانت جزالة بيانه، وشفافية أسلوبه، وقدرته الفائقة على الكتابة بلغة السهل الممتنع، من العوامل الرئيسة لاشتهار آثاره، وشدة إقبال القراء عليها، ووفرة المطبوع منها.
وقد حاول بعض الأدباء تقليده واستعارة تقنياته في السرد، ومحاكاته فيما كتب، بنحو بات أسلوب آل أحمد أحد النماذج الشهيرة في الأدب الفارسي الحديث.
وقد تجلىٰ هذا الأسلوب كأروع ما يتجلىٰ في «قشة في الميقات» ، باعتباره من النصوص الأخيرة التي كتبها جلال قبل وفاته بسنوات، مضافاً إلىٰ أنه كتبها في ظروف خاصة، مرّ خلالها بحالات قبض وبسط روحي، ولحظات انفعال، وتوتر،