170التكنولوجيا الغربية والمادية الغربية، بواسطة أحمد فرديد.
ثم يمّم آل أحمد وجهه صوب مكة، وتبلور في وعيه نزوع واضح نحو الدين، والتراث، والماضي، وكان كتابه «نزعة التغريب» أول بيان صريح، يحلل فيه آثار التغريب في إيران، وأردف ذلك بعد سنوات، بكتاب هجائي للمثقفين المنبهرين بالحضارة الغربية والمروّجين لقيمها في المجتمع وصدر بطبعة محدودة سنة 1965، بعنوان «المستنيرون. . . خدمات وخيانات» ثم صدر نصّه الكامل بجزئين سنة 1977.
وبوسعنا القول: إن رحلته إلى الحج التي دوّنها سنة 1964، جسدت صورة ناصعة عن الإبحار الختامي لسفينته في شاطئ الديار المقدسة، ولا ندري ماذا تخبئ الأيام لهذا الأديب الناقد، في السنوات التالية، من تحولات أو مواقف، لو لم يختطفه الموت، في 8 / 9 / 1969.
لقد أوضحت زوجته الدكتورة سيمين دانشور، في مقالها الرثائي لزوجها، اتجاهاته الإيمانية، في العقد الختامي من حياته بقولها: «. . لم يكن مادياً، بل كان أصيلاً، واذا كان قد اتجه للدين، فقد اتجه عن وعي وبصيرة، لأنه اختبر قبل ذلك الماركسية والاشتراكية، وإلىٰ حد ما الوجودية، وكانت عودته النسبية إلى الدين. . . طريقاً للتحرّر من الإمبريالية، وصيانة للهوية الوطنية، وسبيلاً الى الشرف الإنساني، والتراحم، والعدالة، والمنطق، والتقوىٰ. . . كان جلال يحمل همّ هذا الدين. . .» 1.
2- اختار جلال آل أحمد الذهاب إلى الحج مع القوافل الشعبية الفقيرة، فكان حجّه يماثل حج المتسكع، كما تفصح عنه مذكراته، بالنسبة إلىٰ نوع الطعام،