160قراءة متأنية ليومياته في رحلته، تدحض هذا التصور، حيث تتجلّىٰ روح آلأحمد، ونزعاته المعنوية، وأخلاقياته، وعواطفه البريئة، ومشاعره الشفافة، ويغدو اكتشاف الآخر، ووعي آلامه وآماله، والتعايش، والتسامح في كل ما يوجب الخلاف معه، كل ذلك أقرب السبل إلى اللّٰه تعالىٰ، وأن الطريق إلىٰ معرفة اللّٰه يمر عبر معرفة الإنسان، وتبنّي قضاياه، والدفاع عن حقوقه المهدورة، وحرياته المغدورة، طبقاً لفهم آل أحمد للإسلام ومقاصده العامة.
من هو جلال آل أحمد؟
قبل مواكبة جلال في رحلته، نشير بإيجاز إلىٰ محطات حياته، وتكوينه الاجتماعي والثقافي، والمنعطفات الأبرز في مواقفه.
ولد محمد حسين حسيني طالقاني، والذي اشتهر ب: (جلال آل أحمد) ، في
1/12/1923 في طهران، لعائلة محافظة، إذ كان والده رجل دين، ناشطاً في الحقل الاجتماعي، ويتولىٰ إدارة مكاتب شرعية للأحوال الشخصية، ويؤمّ المصلين في بعض مساجد طهران، إلا أن الأب سرعان ما فقد مواقعه في هذه المكاتب، عندما رفض الرضوخ لقرارات وزارة العدل، بالإشراف علىٰ أنشطة مكاتب الأحوال الشخصية، وتوجيه عملها. وفضّل الاقتصار علىٰ شيء من نشاطه الديني الاجتماعي في التبليغ والدعوة.
لقد تعذر علىٰ جلال أن يواصل دراسته بشكل عادي، بعد أن أنهى المرحلة الابتدائية، إثر تدهور الحالة المعاشية لأسرته، وخشية والده من التعليم الحديث، ورغبته في تواصل أبنائه مع التعليم الديني التقليدي للآباء، لذا قرر جلال الانخراط خفية في دراسة مسائية، ليكمل تعليمه الإعدادي في مدرسة «دار الفنون» الشهيرة في طهران، بالرغم من انشغاله نهاراً بأعمال حِرَفِيّة في السوق، بغية تأمين