194الجهاد في أيّ مكان كان بعيداً عن أجواء المدينة.
إلّا أنّ جمعاً من الصحابة منعوه، وكان منهم أبو بكر، حيث قال له متوسِّلاً:
أنشدك باللّٰه يا بلال! وحرمتي وحقّي، فقد كبرت وضعفت واقترب أجلي، فأقام معه حتّى توفّي 1.
وفي خلافة عمر ألحّ عليه أن يؤذِّن فأبى.
فقال له: إلى من ترى أن أجعل النداء؟
قال: إلى سعد، فقد أذّن لرسول اللّٰه صلى الله عليه و آله، فجعله إلى سعد وعقبه 2.
ثمّ قرّر بلال أن يخرج إلى الجهاد في الشام، فذهب إلى عمر يستأذنه بالخروج فقال له:
ألا تبقى يا بلال بجواري، كما كنت بجوار النبيّ صلى الله عليه و آله وبجوار أبي بكر؟
فقال بلال: أحنّ إلى الجهاد يا أمير المؤمنين، وأرى الجهاد من أفضل الأعمال.
فقال له عمر: لك ما تريد يا بلال.
وأذِن له، فخرج إلى الشام ولحق بجيش أبي عبيدة الجرّاح، وظلّ مجاهداً في سبيل اللّٰه.
ويزور عمر بن الخطّاب الشام أثناء خلافته، ويلتقي مع بلال، ويتوسّل المسلمون إلى عمر أن يطلب من بلال ليؤذِّن لهم ولو بصلاة واحدة!
ولما حان وقت الصلاة، رجاه عمر أن يؤذِّن لها، واستجاب بلال لطلبه، وصعد بلال، فأرهف الناس سمعهم، وانطلق صوته النديُّ يسري كالنسيم، ويسمع الناس صوته للمرّة الأولى بعد وفاة النبيّ صلى الله عليه و آله، ولم يُرَ يوماً كان أكثر باكياً من