144
فإنّ اللّٰهَ غَنِىٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ فما به حاجة - سبحانه - إلى إيمانهم وحجّهم. إنّما هي مصلحتهم وفلاحهم بالإيمان والعبادة 1.
سبب النزول:
ذكر بعض المفسّرين أنّ سبب نزول هذا المقطع من الآية هو أنّه بعد نزول المقطع وَللّٰهِِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وكلمة الناس الواردة في الآية كلمة عامّة تشمل جميع الناس بكلّ أديانهم وطوائفهم. . . وكما عن الضحّاك ورواه أحمد ومسلم والنسائي - جمع الرسول صلى الله عليه و آله أهل الأديان الستّة:
المسلمين، والنصارى، واليهود، والصابئين، والمجوس، والمشركين فخطبهم وقال:
«إنّ اللّٰه تعالى كتب عليكم الحجّ فحجّوا» .
فآمن به المسلمون، وكفرت به الملل الخمس، وقالوا: لا نؤمن به، ولا نصلّي إليه، ولا نحجّه، فأنزل اللّٰه تعالى: وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللّٰهَ غَنِىٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ 2.
ويعقّب الرازي قائلاً: وهذا القول هو الأقوى.
فيما هناك قول آخر أو سبب لنزول الآية وهو أنّه لمّا نزلت وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِيناً. . . .
قالت اليهود: فنحن مسلمون.
فقال لهم النبيّ صلى الله عليه و آله: فرض اللّٰه على المسلمين حجّ البيت، فقالوا: لم يكتب علينا، وأبوا أن يحجّوا، فأنزل اللّٰه: وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللّٰهَ غَنِىٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ 3.
* * *
هذا وأنّ الكفر المذكور في الآية، اختلفت أقوالهم فيه:
فبعضهم عدّه من النوع الثاني: الجحود، أي من جحد فرض الحج ولم يره