128مقطع الآية الأوّل وَللّٰهِِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ الوجوب؟
ممّا لا ريب فيه أنّ الآية المذكورة تدلّ على الوجوب والإلزام خصوصاً إذا عرفنا أنّ التعبير القرآني في موارد التكاليف الإلزامية، ألفاظه مختلفة، ففي مثل الصلاة نرى الآيات القرآنية تستعمل كلمة الإقامة للدلالة على وجوب هذا النوع من العبادات، والتي يُراد بها نفس إيجادها، كما في: أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفِى النَّهَارِ. . . 1أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ. . 2، ولذا يُقال في فصول الإقامة: قد قامت الصلاة. وكذلك الحال في الزكاة، التي تعبّر الآية عن إعطائها بالإيتاء وَآتَى الزَّكَاةَ 3الَّذِينَ لَايُؤْتُونَ الزَّكَاةَ 4.
وفي هذه الآية وَللّٰهِِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ عبّر عن وجوب الحجّ ب (اللّام وعلى) ، وهو كالتعبير في باب الدَّين: لزيد على عمرو عشرة دنانير، أو لفلانٍ عليَّ كذا. .
فاللّام تدلّ على الإلزام والتوكيد، كما أنّ تقدّم ما من شأنه التأخير وهو الخبر يدلّ على التوكيد والحصر أيضاً حيث قدّم الخبر (للّٰه) وتقديره حجّ البيت للّٰه. . .
ولابدّ لنا من ذكر ما قاله صاحب كنز العرفان لما فيه من منافع علمية:
إنّه تعالى ذكر في الآية أموراً من التوكيد لأمر الحجّ ما لم يذكره في غيرها من وجوه:
الأوّل: إيراده بصيغة الخبر.
الثاني: إيراده في صورة الاسمية.
الثالث: إيراده على وجه يفيد أنّه حقّ للّٰهفي رقاب الناس.