107وعن عليّ عليه السلام أنّه قال: قال رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله بعد فتح خيبر: لولا أن تقول فيك طوائف من اُمّتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم، لقلتُ اليوم فيك مقالاً، لا تمرّ على ملإ من المسلمين إلّاأخذوا تراب رجليك، وفضل طهورك يستشفون به، ولكن حسبك أنّك منّي وأنا منك 1.
وروي عن علي عليه السلام أنّه قال: قدم علينا أعرابيٌ، بعد دفن النبيّ صلى الله عليه و آله بثلاثة أيّام، فرمى بنفسه على القبر، وحَثَا من ترابه على رأسه.
وعلى كلّ حال، فالذي يظهر بعد تحقيق النظر أنّ التقبيل للمحبّة من قبيل تقبيل الوالد لولده 2، والأرحام بعضهم لبعضٍ فلو قبَّل بعضهم جدران بعض، أو ثياب بعض، أو مكان بعض، حبّاً وإرادةً، لا تعظيماً ولا عبادةً، فليس فيه بأس.
وأمّا قصد التعظيم والإكرام، فليس فيه خروجٌ عن ملّة الإسلام، قصارى ما هناك أنّه عدّه بعض العلماء من الآثام، فليس على الفاعل عن دليل في الردّ عليه من سبيل. وأمّا من فعل مشرعاً فهو عاصٍ لربّه، حتّى يتوب عن ذنبه.
ولقد نقل عن بعض أمراء دار السلام بغداد أنّه وشى بعض الوشاة على جماعة أنّهم يُقبِّلون أعتاب الأولياء، فقال: سبحان اللّٰه في كلّ يوم تقبّلون جلد الميتة «يعني الفروة التي هو لابسها» ، ولا تقبِّلون أعتاب أبواب الأولياء.
وعلى أيّ تقدير، فالغرض إنّما هو نفي (التكفير) . ونسبة فعل هؤلاء إلى فعل عبدة الأصنام خروجٌ عن الإنصاف في هذا المقام؛ لأنَّ الذاهبين إلى الجواز منّا إنّما أخذوا عن الدليل، لا لمجرّد الاختراع والابتداع، فإن اشتبهوا عُذِروا وأُجِروا.
فمن قبَّل الحجر الأسود، والركن اليمانيّ، أو باقي الأركان، أو مسَّها، أو لزم المستجار، فقد تبرّك بتلك الأحجار؛ لأنّها بأمرٍ من العزيز الجبّار، ولو أخطأ