241وعكّرت جوّ الحبّ والثقة والاخوّة، ذلكم الواقع المشرق الذي عاشته الاُمّة الإسلامية في العالم الإسلامي على امتداد تاريخها الطويل، منذ أن أضفى عليهم الإسلام لباس الحب والاخوة الايمانية ولون الطهر والعفاف، فقال تعالى: وَ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللّٰهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدٰاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوٰاناً وَ كُنْتُمْ عَلىٰ شَفٰا حُفْرَةٍ مِنَ النّٰارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهٰا 1.
يتوجّه الحاج المسلم إلى بيت اللّٰه الحرام لأداء مناسك الحج ولكنه بمجرّد حضوره إلى بلد اللّٰه الأمين وطوافه ببيت اللّٰه العتيق وسعيه بين الصفا والمروة سيجد في نفسه راحة وطمأنينة وينصرف عن جميع الأحاسيس والمخاطر التي كانت تزعجه وتعكر عليه صفو العبادة ولذّة العيش في رحاب البيت، ومع قرب أيام التشريق والذهاب إلى منى وعرفات والمزدلفة مشاعر اللّٰه في الأرض، يتناسى هموم الدنيا وأحزان الحياة ومتاعب الأحداث والمآسي التي مرّت عليه كأمواج البحر الطامة وظلمات الليالي المدلهمة وتعود إليه الطمأنينة بجميع مظاهرها ومعانيها وتغطي كيانه من كلّ جهة. إنّ الحج كلّه ذكر وعبادة وهو حبّ وتضحية وجهاد، يقول الدكتور زهير الأعرجي: «التعابير الإنسانية كالبكاء والشعور بالذنب والتوبة الخالصة للّٰهسبحانه، والإشارات المنظمة كانتظام الطواف وأفعال الصلاة ورمي الجمرات وتقليد الهدي ونحوها، كلّها تمثِّل رموزاً نتفاعل بها مع ديننا الحنيف وخالقنا العظيم إلّاأنّ هذه الرموز الموحّدة لا تساعدنا على التفاعل الروحي مع خالق الوجود فحسب، بل تساعدنا على التفاعل الاجتماعي أيضاً؛ لأننا نشعر عن طريق ممارسة هذه المناسك والأعمال التعبدية أنّ للآخرين أنفساً تشابه أنفسنا في الدعاء والابتهال والتذلّل لخالقنا العظيم» 2.