78
المحور الأوّل: شرطيّة الطواف بين البيت ومقام إبراهيم عليه السلام
أدلّة القول بالشرطية:
وقد ذكر الفقهاء (رض) جملة وجوهٍ لإثبات هذه الشرطية المطروحة في الفقه الشيعي - كما تقدّم -، أبرزها - مع التغاضي عن الإجماع الذي تقدّم الحديث عنه - أمورٌ هي:
الوجه الأوّل: ما ذكره في الغُنية 1من أنّ الطواف بين البيت والمقام هو طريقة الاحتياط، ونحن نحتاج إلى اليقين ببراءة الذمّة، الأمر الذي لا يحصل إلّابإيقاع الطواف في هذا الإطار المحدّد.
وهذا الوجه قد تعرّض - وفق الدراسات الأصوليّة الأخيرة - لانتقاداتٍ، فإنّ جريان أصالة الاشتغال إنّما يكون في مورد الشكّ في المكلّف به لا في التكليف الشامل لأصل الحكم ولقيده وشرطه، وبالتالي فالقضيّة تابعةٌ لمدى دلالة النصوص، وهل هي بحيث تفسح في المجال لسريان الشكّ إلى مرحلة المكلّف به أم أنّ الشكّ على ضوء ما تنتجه إنّما هو في دائرة التكليف والتي هي مجرى البراءة؟ وسوف يظهر أنّه وبقطع النظر عن الروايات الواردة في خصوص المقام فإنّ الأدلّة العامّة في باب الطواف شاملة للطواف خارج المقام أيضاً، وبالتالي فهناك دليل لفظي يبرّر ذلك فلا تصل النوبة إلى مرحلة الأصل العملي.
الوجه الثاني: رواية محمّد بن مسلم قال: «سألته عن حدّ الطواف بالبيت الذي من خرج عنه [ منه ] لم يكن طائفاً؟ قال: كان الناس على عهد رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله يطوفون بالبيت والمقام، وأنتم اليوم تطوفون ما بين المقام والبيت، فكان الحدّ موضع المقام اليوم فمن جازه فليس بطائف، والحدّ قبل اليوم واليوم واحد قدر ما بين المقام وبين البيت من نواحي البيت كلّها، فمن طاف فتباعد من نواحيه أبعد من مقدار ذلك كان طائفاً بغير البيت بمنزلة من طاف بالمسجد؛ لأنّه طاف في غير حدّ ولا طواف له» 2.