79وتقريب الاستدلال بالرواية أنّ ظاهرها كون الطواف ما بين البيت وحيث هو المقام اليوم المسمّى فيها بالحدّ واجباً لا مفرّ منه، كلّ ما في الأمر أنّ المقام كان في زمن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله بقرب البيت حيث هو مقرّه الواقعي؛ لأنّ كلمة - مقام - مأخوذة لغةً من موضع قدم القائم - كما ذكره في الجواهر - فكأنّ إبراهيم عليه السلام كان يقوم عليه لبناء البيت أو لغير ذلك، وفي الأيّام اللّاحقة لعهد الرسالة - وعلى حدّ بعض النصوص كما سيأتي أنّه حصل في زمن عمر بن الخطّاب - تمّ جعله في موضعه الحالي حيث كان عليه قبل الإسلام وفق بعض النصوص الاُخرى كما سنلاحظ.
وكيف كان فالرواية دالّة على الشرطية معتضدةً بعمل المشهور.
وقد يناقش في الرواية:
أوّلاً: أنّها ضعيفة من الناحية السنديّة وذلك من جهتين:
1 - جهالة ياسين الضرير الوارد في سندها ومعه فلا يعتمد عليها 1.
2 - الإضمار فإنّ محمّد بن مسلم لم يذكر اسم الشخص الذي روى عنه هذا الخبر، ومعه فلا يحرز أنّه الإمام عليه السلام فتسقط الرواية عن الاعتبار.
غير أنّه قد يرمّم هذا الخلل السندي بأمور هي:
أ - إنّ الشيخ الطوسي في الفهرست له سندٌ صحيح إلى جميع كتب وروايات حريز بن عبداللّٰه السجستاني 2والذي هو راوي هذا الحديث عن محمّد بن مسلم، ووفقاً لنظرية التعويض يمكن استبدال السند الذي يسبق حريزاً في هذه الرواية والذي اشتمل على ياسين الضرير بسند الشيخ الطوسي إلى حريز فتتمّ الرواية، وقد أشار إلى هذا الأمر الميرزا الأحمدي في تعليقته على رسالة المناسك 3.
ب - إنّ الإضمار من أجلّاء ومشاهير الأصحاب يورث الوثوق برجوع الضمير إلى الإمام عليه السلام؛ لأنّ الغالبية الساحقة من روايات أمثال محمّدبن مسلم إنّما هي عنه عليه السلام، ووفقاً لذلك فإنّ احتمال أن تكون هذه الرواية المضمرة عن غير