76هذا البعض غير واضح، فإنّه على تقدير تحقّق الإجماع هنا من الواضح بملاحظة كلمات الفقهاء أنّ بطلان الطواف في الخارج عن المقام كان مصرّحاً به عندهم على حدّ تصريحهم بصحّة الطواف الواقع بينهما، والتفكيك بين الأمرين إن تمّ فإنّما يتمّ في مقدارٍ ضئيلٍ جدّاً من العبارات الفقهيّة، الأمر الذي لا يضرّ بقوّة الإجماع، لا سيّما وأنّ التفكيك ظهر بدلالةٍ سلبيّة سكوتيّةٍ ولم يصرّح به لديهم.
وعلى أيّة حال فالإجماع من الناحية الصغروية غير محرزٍ، لا سيّما وأنّ أمثال السيّد المرتضى وسلّار وأبي الصلاح والصدوق من المتقدّمين لم يذكروا مثل هذا الشرط في أحكام الطواف وواجباته.
كما ظهر أيضاً أنّ القول بلزوم كون الطواف داخل المسجد الحرام هو مقتضى الشرطيّة المتقدّمة، وعدم تصريح فقهاء الشيعة بشرطٍ كهذا؛ لعلّه كان من ناحية التسالم عليه ووضوحه عندهم.
ب - المسألة على ضوء الفقه السنّي
وأمّا على مستوى فقه المذاهب السنّية فقد:
1 - ذكر عبد الرحمن الجزيري في (الفقه على المذاهب الأربعة) . أنّ الحنابلة والمالكية جعلت من سنن الطواف القرب من البيت، فيما خصّصت الشافعية هذه السنّة بالرجال 1.
2 - كما شرح الدكتور وهبة الزحيلي موقف المذاهب الأربعة في المسألة حيث ذكر:
أ - أنّ من شروط الطواف عند الحنفية هو الالتزام بالمكان المحدّد له وهو «أن يقع حول البيت في المسجد؛ لقوله تعالى: وليطوّفوا بالبيت العتيق، والطواف بالبيت هو الطواف حوله، فيجوز الطواف في المسجد الحرام قريباً من البيت أو بعيداً عنه بشرط أن يكون في المسجد» 2.
ب - أمّا عند المالكية فيشترط في الطواف «أن يكون بداخل المسجد» 3.