242فيقول: «بعد أن حدّقت بعيني برهة من الزمن رأيت ستارة مكتوباً عليها بخطوط ذهبية أنّ قبر رسول اللّٰه والخليفتين بعده يقع خلفها، وفوق قبر النبيّ تدلى الكوكب الدرّي وهو مجموعة من اللآلي والماس رُكّبت بشكل نجم وعُلّقت في الظلام، باعتقاد أنّ عيون البشر لا تستطيع تحمّل إشعاعها. وكان ذلك الكوكب رائعاً حقّاً. . إنّ هذا الكوكب يشبه ماسّة «كوه نور ruN-hoK » الشهيرة» 1.
ثمّ يمضي يصف المدينة المنوّرة بدقّة مرشد السيّاح. ويلاحظ من الرحلة التفصيليّة الرائعة التي طبعت بجزأين كبيرين أنّ السير ريتشارد لم يترك شاردة وواردة إلّاذكرها في نصوص الرحلة أو شروحها وهوامشها الضافية. ومع ما في هذه الرحلة من تحامل وأغلاط في فهم الإسلام وشريعته، فإنّها تعدّ شيئاً ممتازاً من ناحية البحث والتحقيق، ودراسة لها قيمتها التاريخية والجغرافية 2.
في رحاب المدينة المنوّرة
في فصل خاصّ يفرده بورتون لزيارة قبر النبيّ صلى الله عليه و آله، يستهلّ الكتابة بالخوض في موضوع المفاضلة بين مكّة والمدينة. فيقول: إنّ المسجد النبوي هو أحد الحرمين، وثاني الأماكن المقدّسة الثلاثة المعدّة للعبادة، أمّا الاثنان الآخران فهما؛ المسجد الحرام في مكّة، والمسجد الأقصى في القدس الشريف.
ثمّ يوضّح الفرق بين استحباب (زيارة) الرسول صلى الله عليه و آله ووجوب فريضة الحجّ إلى بيت اللّٰه الحرام. . ليستعرض الآراء حول منزلة المسجد النبوي ومكانته الروحية، خاصّة لدى المذاهب الإسلامية، وأنّ الشرف الذي حظيت به المدينة يعود إلى أنّ ثراها قد ضمّ رفات الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله، ثمّ يعرج إلى تبيان موقف الوهابيّين قائلاً: «ولمّا كان الوهابيّون من جهة اُخرى لا يعترفون بشفاعة الرسول يوم القيامة، ويعتبرون قبر الرسول قبراً مثل سائر القبور وشيئاً لا يُعتدّ به، ووسيلة للعبادة (الوثنية) التي يمارسها بعض المسلمين (الحمقىٰ) ، فقد نهبوا المبنى المقدّس بعنف ينطوي على التدنيس، ومنعوا الزوّار القادمين من البلاد النائية عن الدخول