157
لا تُدركُهُ الأبصار وهو يُدرِكُ الأبصار 1.
والقائلون بأنّ اللّٰه على العرش بآية عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى 2، والنافون بقوله تعالى: إنَّ اللّٰه مَعَنا 3و إنّ مَعِيَ رَبّي سَيَهْدينِ 4ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَة إلّاهُوَ رابِعُهُمْ 5.
والقائلون بالتجسيم على الحقيقة يستندون إلى مثل قوله: يَدُ اللّٰهِ فَوْقَ أَيْديِهِمْ 6، والنافون إلى قوله:
لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ 7ونحوها.
والقائلون بجواز المعصية على الأنبياء يستندون إلى مثل قوله تعالى:
وَعصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى 8، والنافون بمثل قوله: لا يَنالُ عَهْدِى الظّالِمينَ 9.
والقائلون باستناد جميع الأفعال إلى اللّٰه، استندوا إلى قوله: خَالِقُ كُلِّ شَيءٍ 10وقوله: كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللّٰهِ 11.
والآخرون إلى قوله: ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنْ اللّٰه وَمَا أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنَ نَفْسِكَ 12.
والقائلون بأنّ الكفّار مخاطبون بالفروع بعموم: يا أَيُّهَا النّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ 13، والنافون لذلك بخطاب: يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا 14إلى غير ذلك.
وكذا في الفروع الفقهيّة، فإنَّ كلّاً من الفقهاء له مآخذ من الكتاب والسنّة، مغاير لمآخذ صاحبه، كما لا يخفى على المتتبّع، فلمن أراد أن يُبيحَ جميع الأشياء قوله تعالى: خَلَقَ لَكُمْ ما في الأَرْضِ 15ومن قصر التحريم على أربعة استند إلى ما دلّ على تحليل جميع الأشياء ما عدا الميتة، والدم، ولحم الخنزير، وما أُهِلَّ به لغير اللّٰه، من جميع ما خلق اللّٰه.
والحاصل: أنَّ كُلَّ مَنْ أراد العناد والعصبية، فله مَدْرَك يتشبّث به من آية قرآنية، أو سنّة محمّدية، ويكون صاحب مذهب ورأي، يباحث الفضلاء، ويُناظر أساطين العلماء، ما لم يكن له حاجب من تقوى اللّٰه.
ولقد أجاد بعض القدماء، من فحول العلماء حيث يقول: إنَّ المسائل الشرعيّة عندي بمنزلة الشمع اللّين، أُصوّره كيف شئت لولا تقوى اللّٰه.