158ونُقلَ أنَّ بعض الفضلاء أخذ قطعةً من قرطاس في محفل من الناس، فأورد عليهم براهين على أنّها قطعة ذهب، حتّى أقرّوا بذلك.
ولكن مَنْ أراد رضا الجبّار، ورجا الفوز بالجنّة، وخاف عذاب النار، ينظر إلى المعادلة في الدلالات، ثمّ ينظر المرجّحات الخارجيّات، وأولاها التأمّل في طريقة الصحابة وسيرتهم، فإنّها أعظم شاهد على ما حَكمَ به الجبّار، وجرت عليه سُنّة النبيِّ المختار صلى الله عليه و آله فإنَّ لكلّ ملّة طريقةً يرجعون إليها، ويُعوِّلون عند وقوع الاشتباه عليها.
وقد يحصل العلم بما عليه الأمراء، من النظر إلى عمل أتباعهم، وأشياعهم، ورعاياهم، وخدمهم، وحشمهم؛ لأنَّ الأثر يدلّ على مؤثّره، والمنتهى يدلّ على مصدره.
وبُعدُ العهد بيننا وبين زمان (الصدور) ، ربّما أخفى علينا كثيراً من الاُمور، فإذا حصل الإجماع والاتفاق، ارتفع النزاع والشقاق، وكذلك إذا اشتهر أمر بين السلف وظهر، فلا وجه للانصراف عنه إلى ما شذَّ وندر.
فقد علم أنّ الميزان الذي لا عيب فيه، ولا نقص يعتريه، هو الرجوع إلى كلام الصحابة، والتابعين، وتابعي التابعين؛ لأنّه موضح وكاشف لحكم سيّد المرسلين.
ولمّا اختلفت الأخبار في بعض ما أوردناه وشرحناه، لزم الرجوع إليهم، والاعتماد في تصحيح الأخبار - بعد اللّٰه - عليهم.
على أنّ الأخبار الدالّة على جواز ما منعه المانعون أكثر مورداً، وأوفر عدداً، وأقرب إلى ظاهر الكتاب والسنّة وكلام الأصحاب.
وفّقنا اللّٰه وإيّاكم لإدراك حقائق الاُمور، والتوفيق للسعادة يوم النشور، وجعلنا من المتمسّكين بالعروة الوثقى، والمتشوّقين إلى دار الآخرة التي هي خيرٌ وأبقى، واللّٰه وليّ التوفيق، وبيده أزمة التحقيق.
الفصل الثالث
في بيان الميزان 1التي يُرجع
إليها إذا تشابهت الاُمور
وهي ما عليه الصحابة والتابعون، وما أجمع عليه المسلمون. قال اللّٰه