156الأزمنة، والأمكنة، والأحوال، والمقاصد، وعلى ذلك مبنى كثير من اختلاف الأخبار.
وكذا يستحبّ التأهّب لجهاد الكفّار بأحسن السلاح، وكان أطيبها السيوف والرماح، وصار الأحسن في هذه الأيّام (التفك) 1المعروف بين الأنام.
وكذا الوصول إلى بعض الأرضين لايستحب، حتّىتجعل مقبرة للمسلمين.
فاختلاف الأزمنة والأمكنة والجهات، قد يبعث على اختلاف الأحكام؛ لاختلاف الموضوعات، وربما بني علىذلك اختلاف كثير من الأخبار، وطريقةالمسلمين علىاختلاف الأعصار.
وفّقنا اللّٰه وإيّاكم لسلوك الجادّة المستقيمة، والأخذ بالطريقة السليمة، وردّني اللّٰه إليك إن كنتَ أنتَ على الحقّ، وردَّكَ إليَّ إنْ كان الحقُّ معي، ومع أكثر الخلق.
الفصل الثاني
في بيان اختلاف ظواهر الآيات والروايات
وإن لكلٍّ من الحقّ والباطل مأخذاً، كما روي: أنَّ لكلّ حقّ حقيقة، ولكلّ صواب نوراً، فمن أراد الحقّ اهتُدي إليه، ومَنْ أراد الباطل كان له ميدان في المجادلة عليه. فمن خرج عن جادّة الإنصاف، وسلك طريق الغيّ والاعتساف، ولم يرجع إلى سيرة الصحابة والتابعين، أمكنه أن يستند إلى ظاهر القرآن المبين، فيما يخرج عن شريعة سيّد المرسلين.
فإنّ (الوعيدية) المنكرين للعفو، الموجبين للمؤاخذة على المعاصي، يمكنهم الاستدلال بآية سورة الزلزال فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ 2، و (الوعدية) القائلين برفع المؤاخذة بالكلّية، وإنّ اللّٰه لا يعاقب على معصية، لهم الاستناد إلى قوله تعالى: يا عِبادِيَ الَّذينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّٰهِ إنَّ اللّٰهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَميعاً 3، ووعده لا خلف فيه.
والمثبتون للرؤية في الآخرة يستندون إلى قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إلى رَبِّها ناظِرَةٌ 4، والنافون إلى قوله تعالى: