133فيه وشعيرة مقدّسة من شعائر إبراهيم في الحجّ والعمرة، فلا يمكن التحرّش فيه أو الخدشة في وجوبه كجزء مهمٍّ من المناسك فضلاً عن إلغائه أو إنكاره أو تعطيله.
والمقطع الأوّل واضح في هذا.
وكلّ الكلام هو كما يقال: لا إثم عليك إن صلّيت وأنت ترتدي ثوباً ذا لون أسود مثلاً، فلا نقاش في الصلاة وفي أصل الصلاة وأنّها واجبة، وإنّما الكلام ينصبّ فقط على نفي الإثم عنك وأنت تصلّي في الثوب الأسود.
ثمّ إنّ السعي منسك قديم قِدم الطواف، فما أن أتمّ إبراهيم عليه السلام رفع قواعد البيت، وكان معه ابنه إسماعيل، راح يؤذّن في الناس بالحجّ ويؤدّي مناسكه، ومنها السعي بين جبلي الصفا والمروة، ووجود أساف ونائلة وهو وجود طارئ لابدّ له أن ينتهي، لا يشكّل أي مانع لطهارة هذا المنسك وقدسيّته، ولا يُعطّله، وهل يُعطّل الطواف بالبيت الحرام وجود الأصنام من حوله وما أكثرها؟ !
ثمّ لو كان السعي مباحاً أو مندوباً - كما استفاده بعضهم - فلماذا هذا النزول السريع للآية؟
ولماذا هذا التوكيد، ونكران ونفي كلّ زعم علىٰ عدم منسكيّته أو التحرّج من أدائه، وهو ما يحمله المقطع الأوّل من الآية، ونفي أيّ حرج أو بأس وهو ما جاء به المقطع الثاني من الآية ما دام الأمر لا يتعدّى كونه مندوباً إليه أو لا يخرج عن كونه مباحاً؟ !
هذا وأنّ التعبير ب «فلا جناح. . .» في القرآن الكريم لا يعني دائماً نفي الوجوب، وأنّه لا يُقال في الاُمور الواجبة، وبالتالي فالأمر متروك للمكلّف، له أن يفعله وله أن يتركه، وإلّا فأين نحن من آية قصر الصلاة: فليس عليكم جُناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم. . . وهو ما عليه روايات أهل البيت عليهم السلام وآراء جمع من فقهائهم، وهو ما استفاده أيضاً أبو حنيفة من هذه الآية، والقصر عنده واجب كما هو في أقوال فقهاء أهل السنّة؟