131فالتوكيد ب (إنّ) جاء حاسماً لنقاش ترتّبت عليه أحداث وملابسات وشبهات أحاطت بموضوع السعي بين هذين الجبلين (الصفا والمروة) إمّا لوجود صنمين (أساف ونائلة) أو لأيّ سبب من الأسباب التي ذكرناها في أسباب النزول.
فأنزل اللّٰه تعالى قرآناً لينهي به هذا الفزع الذي دخل قلوب البعض والخلاف حول مشروعية السعي، ولا يدعه يتعمّق بين الجماعة المسلمة، وليثبت أنّ السعي بين هذين الجبلين أمر إلٰهي ومنسك ربّاني، وأنّه من مناسك فريضة الحجّ ومن مناسك العمرة. . وبالتالي فإنّها جاءت ردّاً لكلّ من امتنع عن أداء هذا النسك أو توقّف أو شكّك به ظنّاً منه أنّه من شعائر الجاهلية. . . ، ونفت كلّ مزاعم القوم فقالت بضرس قاطع: إنّ الصفا والمروة من شعائر اللّٰه. . . .
وبالتالي فإنّ السعي بين هذين الجبلين أمرٌ لابدّ منه؛ لأنّه من شعائر اللّٰه، ومن مناسك إبراهيم، التي هي مناسك فريضة الحجّ والعمرة، ولا يكتمل كلّ منهما إلّا بأداء أجزائهما كاملة غير منقوصة، ولا يصحّ وصف العمل بالكمال إلّابأداء مفرداته وأجزائه التي يتكوّن منها.
المقطع الثاني:
. . . فمن حجّ البيت او اعتمر فلا جُناح عليه أن يطوّف بهما. .
فهذا المقطع جاء متفرّعاً على المقطع الأوّل ومكمّلاً لما أكّده من نسبة هذا المنسك لأعمال الحجّ والعمرة، ونفي أي زعمٍ أودعوى تخالف هذه النسبة. . ليرفع ذلك التحرّج وما اعتقدوه من ترتّب الإثم في حالة سعيهم بين هذين الجبلين - نافياً - ضمناً - كلّ الأسباب التي ذكرت، وأنّها منفردة أو مجتمعة غير جديرة بتعطيل هذه الشعيرة المقدّسة، أو حتّى التوقّف بشأنها أو تأخيرها ريثما ترفع الموانع، أو تنتهي الأسباب التي تصوّروها موجبة لمثل هذا التردّد أو الامتناع. . لهذا جاء هذا المقطع سريعاً وحاسماً ومبيّناً أنّ هذا المنسك الذي كرهته