37افتروا عليك فكانت افتراءاتهم جائرة.
لم يجدوا عيباً فيك سيّدي فلاذوا بطمس معالمك وفضائلك وألجموا الألسنة الناطقة بمناقبك، لقد بنوا كيانهم على شتمك وسبّك وطمس آثارك. . وكأن حكمهم ليس له هدف إلّاإنهاء ذكرك، وكأن ليس لهم همٌّ إلّاإخفاء فضلك. . .
أما آن لك - يا معاوية - أن تترك عليّاً وشأنه، وتأمر بترك مسبّته على المنابر؟
قال: لا، حتّى يموت عليها الكبير ويربو عليها الصغير.
فقد أبت نفوس هؤلاء الطلقاء قبول عليّ بفضائله ومناقبه ومواقفه الجليلة التي كانت دفاعاً عن الرسالة والرسول، وعن كلمة الحقّ والعدل. . أبت قلوبهم ذلك كلّه، فراحت سياستهم تقوم على نبذ هذه المناقب والفضائل بل التصدّي لها بكلّ حزم حتّى صارت أساس سياستهم والبناء الذي تقوم عليه، فأصدر زعيم هؤلاء القوم وعميدهم معاوية بن أبي سفيان أمراً سلطانياً: برئت الذمّة ممّن روى شيئاً في فضل أبي تراب وأهل بيته.
ولم يكتف بهذا بل عمّم كتاباً آخر إلى جميع عمّاله يقول فيه:
إذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأوّلين، ولا تتركوا خبراً يرويه أحدٌ من المسلمين في أبي تراب، إلّاوتأتوني بمناقضٍ له في الصحابة، فإنّ هذا أحبُّ إليَّ وأقرُّ لعيني، وأدحضُ لحجّة أبي تراب وشيعته 1.
وبسبب هذا كلّه وتشجيعاً من السلطان الظالم ظهر الوضّاعون وكثروا، وظهر البهتان وانتشر وشاعت المختلقات من الروايات وذاعت بين الآفاق، وتجرأ أعداء الدين على تشويه معالمه والكيد له. .
معاوية يقدم قومه
ولكن هيهات هيهات! فالزوابع بغبارها لا تخفي الحقيقة التي علت ناصعةً تتحدّاهم جميعاً، فقد ذاع صيتك وعطّر الخافقين عبيرك، وحتّىٰ هؤلاء الأعداء