302حمير يسلمن آخر النهار، ويلك اسكتي، فقد واللّٰه جاء الحقّ ودنت البلية.
وكان رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله قد عهد إلى المسلمين أن لا يقتلوا بمكة إلا من قاتلهم سوى نفر كانوا يؤذون النبيّ صلى الله عليه و آله منهم مقيس بن صبابة، وعبد اللّٰه بن أبي سرح، وعبد اللّٰه بن خطل، وقينتين كانتا تغنيان بهجاء رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله، وقال: اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة. فأدرك ابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة فاستبق إليه سعيد بن حريث، وعمار بن ياسر، فسبق سعيد عماراً فقتله وقتل مقيس بن صبابة في السوق، وقتل علي عليه السلام إحدى القينتين وأفلتت الأخرى، وقتل أيضاً الحويرت بن نفيل بن كعب.
وبلغ علياً عليه السلام أن أُخته اُمَّ هاني بنت أبي طالب قد أوت ناساً من بني مخزوم، منهمالحارث بنهاشم، وقيس بن السائب، فقصد نحو دارها مقنعاً بالحديد فنادى:
أخرجوا من آويتم، فجعلوا يذرقون كما تذرق الحبارى خوفاً منه، فخرجت إليه أمُّ هاني وهي لا تعرفه فقالت: يا عبد اللّٰه أنا أمُّ هاني بنت عمّ رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله وأخت عليّ بن أبي طالب، انصرف عن داري، فقال: أخرجوهم. فقالت: اللّٰه! لأشكونّك الىٰ رسول اللّٰه. فنزع المغفر عن رأسه فعرفته فجاءت تشتد حتى التزمته فقالت:
فديتك، حلفت لاشكونك الىٰ رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله، فقال لها: اذهبي فبرى قسمك فإنه بأعلى الوادي. قالت أمّ هاني: فجئت إلى النبي صلى الله عليه و آله وهو في قبة يغتسل وفاطمة عليها السلام تستره، فلما سمع رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله كلامي، قال: مرحباً بك يا أمّ هاني، قلت: بأبي وأمي ما لقيت من علي اليوم، فقال صلى الله عليه و آله وقد فهم ما تريد: قد أجرتُ من أجرتِ، فقالت فاطمة عليها السلام تشكين علياً عليه السلام، لأنه أخاف أعداء اللّٰه، واعداء رسوله، فقلت:
احتمليني فديتك، فقال رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: قد شكر اللّٰه سعيه وأجرتُ من أجارت أم هاني لمكانتها من علي بن أبي طالب 1.
هل قرأت معي كيف نفذ الأوامر، وقتل الأعداء، ولاحقهم ولم يتراجع، ولم يراعِ بذلك بيوت أهله وأقاربه، ولا بيت أخته الوحيدة، التي لم يرها منذ زمن؟