301سيد الأنصار سوى أمير المؤمنين علي عليه السلام.
قال الشيخ المفيد رضى الله عنه: واعلم أنه لو رام ذلك غيره، لامتنع عليه سعد، وكان في امتناعه فسادُ التدبير، واختلاف الكلمة بين الأنصار والمهاجرين، ولم يكن وجه الرأي تولي رسول اللّٰه أخذ الراية بنفسه، وولى ذلك من يقوم مقامه، ولا يتميز عنه، ولا يُعظم أحدٌ من المقرين بالملة عن الطاعة له، ولا يراه دونه في الرتبة، وفي هذا من الفضل الذي تخصص به أمير المؤمنين عليه السلام ما لم يشاركه فيه أحد، ولا ساواه في نظير له مساو، وكان علم اللّٰه تعالى ورسوله في تمام المصلحة بانفاذ أمير المؤمنين عليه السلام دون غيره ما كشف به عن اصطفائه لجسيم الأمور كما كان علم اللّٰه تعالى فيمن اختاره للنبوة وكمال المصلحة ببعثه كاشفاً عن كونهم أفضل الخلق أجمعين 1.
وهذا الدور لا يحتاج الىٰ تعليق، لأن وضوح أخذ الراية من سعد لا يتم الّا برسول اللّٰه صلى الله عليه و آله حيث لا يتنازل سعد زعيم الأنصار إلّاللنبيّ صلى الله عليه و آله، ولما كان سعد يعرف أن علياً هو الرجل الثاني في الإسلام، وأنه سيصبح الرجل الأول سلم الأمر إليه بلا تنازع.
الدور الرابع:
التفاف الجيش الإسلامي على أطراف مكة المكرمة، مكّن النبي صلى الله عليه و آله من السيطرة العامة على المدينة، حيث لم تحدث أية مشكلة تذكر، وطبقت أوامر النبيّ بعدم سفك الدماء في البلد الحرام.
وأسلم على أثر الفتح سادةُ مكة، منهم حكيم بن حزام، وبديل بن ورقاء، وجبير بن مطعم، وأقبل أبو سفيان يركض فاستقبلته قريش، وقالوا: ما وراءك وما هذا الغبار؟ قال: محمد في خلق عظيم، ثم صاح وهو مذعور: يا آل غالب! البيوت البيوت! مَن دخل داري فهو آمن، فعرفت هند زوجته فجعلت تطردهم، ثم قالت: اقتلوا الشيخ الخبيث لعنه اللّٰه من وافد قوم، وطليعة قوم. قال لها: ويلك إني رأيتُ ذات القرون، ورأيت فارس أبناء الكرام، ورأيت ملوك كندة وفتيان