297يطلعهم على أخبارنا، وقد كنت سألتُ اللّٰه عزّ وجلّ أن يعمي أخبارنا عنهم، وقد حملت الكتاب امرأة سوداء فهيا أدركها وانتزع منها الكتاب. ثم استدعى الزبير وقال له: اذهب مع ابن عمتك وأعنه على تخفيف مأربه، وخرج علي ومعه الزبير فأدركاها في (الخُليقة) ، وتقدم منها الزبير فسألها عن الكتاب فأنكرت عليه التعرض لها من جانب، والسؤال عما لا يعنيه من جانب آخر، كما أنكرت عليه هذه التهمة الشنيعة، مما جعل الزبير يتردّد أولاً، ثم يعود الىٰ عليّ يُقنعه بأنه ليس عندها شيء، بعدما بكت المرأة لهذا التعرض والإهانة، وبدأت دموع التماسيح على خديها، وأوشك قلب الزبير أن يرقّ لها فارتد نحو عليّ يقول: لَم أرَ معها كتاباً يا أبا الحسن، ولم يلتفت الزبير الىٰ لازم قوله هذا، الذي يعني تكذيب الوحي، وتكذيب الرسول صلى الله عليه و آله وما كاد عليّ يسمع هذا القول من الزبير حتى غضب وصاح: ويحك يا زبير! يخبرني رسولُ اللّٰه صلى الله عليه و آله بأنها تحمل كتاباً، ويأمرني بأخذه منها، ونأتي لذلك ثم تقول أنت: إنه لا يوجد معها كتاب!
وتظهر قدرة علي عليه السلام وفراسته، وتصديقه المطلق الذي لا شك فيه، ويظهر ضعف الزبير وأنه غير صالح للقيام بهذا الدور إلا برفقة علي عليه السلام. ولم يلبث عليّ عليه السلام أن اخترط السيف، وتقدم من المرأة قائلاً وعيناه تقدحان شرراً قائلاً لها:
أَما واللّٰه، لتخرجن الكتاب، أو لنكشفنك، ثم لاضربن عنقك بسيفي هذا، وحاولت المرأة أن تراوغ كما راوغت مع الزبير، ولكنها رأت عناداً واصراراً، مما جعلها تتأكد بأن الرجل متأكد من وجود الكتاب الذي تحمله، وأنها إن لم ترضخ للطلب سوف تنال عقابها المناسب، وقد يكون هو الموت، وإزاء هذا التخوف على حياتها قالت له: أعرض بوجهك عني، وأشاح علي بوجهه عن المرأة الماكرة فاذا بها تحل ضفائرها، وتخرج منها الكتاب، ثم تدفعه الىٰ عليّ، فيأخذه عليٌّ عليه السلام دون أن يقول لها شيئاً، ثم يأتي الزبير معه الىٰ رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله يسلمانه الكتاب 1.
أرأيت معي - أيها القارئ - موقف الزبير الذي يعني أنه لو اقتنع بكلام المرأة