29جيّداً أنّ القوم قد تآمروا على ابن عمّه رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله وأنّهم قاتِلوه في فراشه، وأنّهم مباغتوه لا محالة، ولا ينجو منهم إلّاوهو أشلاء ممزّقة وأعضاء مقطّعة، مؤامرة نافذة واقعة لا شكّ فيها ولا ريب.
اختاره الرسول صلى الله عليه و آله لهذه المهمّة وهو شاب يافع في مقتبل العمر! إنّه ثالث قربان يقدَّم بعد إسماعيل وعبداللّٰه والد النبي صلى الله عليه و آله وشتّان بين الذبيحين عليّ وإسماعيل، وعليّ وعبداللّٰه، فكلّ منهما بيد أب شفيق رحيم يرقّ قلبه وترتجف يده، وهو بسيف عدوٍّ نزعت الرحمة من قلبه، وبخنجر يمسك بقوّة حاقد بغيض، وبيدٍ صلبة لا ينتابها الخوف ولا تربكها الرحمة. .
إنّه امتحان عصيب لهم جميعاً، ولكن أي الثلاثة أشدّ محنةً وأقسىٰ؟ ! وأيّ امتحان هذا لإيمانه وانقياده واستسلامه؟ !
لقد تيقّن فتى بني هاشم أنّه ما إن يغمض عينيه حتّى تنهال عليه مديّهم التي امتشطوها وسيوفهم التي حملوها وتبضعه خناجرهم. . . فلا تردّد ولا خوف بل لسان حاله يقول: نعم ستجدني إن شاء اللّٰه من الصابرين. .
فأنجاهما اللّٰه برحمته من كيد المشركين ومكرهم، وأنزل في ذلك: وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّٰهُ وَاللّٰهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ 1.
زواجه المبارك
كان عمره عليه السلام حينما هاجر إلى المدينة بعد هجرة رسولاللّٰه صلى الله عليه و آله ثلاثاً وعشرين سنة، وهناك كانت بضعة رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله فاطمة الزهراء عليها السلام التي طالما تمنى التشرف بها كبار الصحابة؛ ومن أهل السابقة في الإسلام والفضل والشرف والمال؛ لأنّها بنت رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله ولكثرة ما كانوا يسمعون منه صلى الله عليه و آله في ثنائه عليها واحترامها وتقديرها، ولموقعها العظيم منه صلى الله عليه و آله. راحت نفوسهم تطمح للاقتران بها، وكانوا كلّما تقدّم واحد منهم لم يجد عنده صلى الله عليه و آله إلّاأن يعرض بوجهه الكريم حتّىٰ يخرج منه