28لقد كان أوّل سجود المسلمين الأوّل لآلهة قريش، وكان أوّل سجود عليّ لإلٰه محمّد! إلّاأنّه إسلام الرجل الذي اُتيح له أن ينشأ علىٰ حبّ الخير وينمو في رعاية النبي ويصبح إمام العادلين من بعده وربّان السفينة في غمرة العواصف والأمواج 1.
كما أنّ العقاد يقول عن إسلام علي:
ولد عليٌّ في داخل الكعبة، وكرّم اللّٰه وجهه عن السجود لأصنامها، فكأنّما كان ميلاده إيذاناً بعهد جديد للكعبة وللعبادة فيها. وكاد عليٌّ أن يولد مسلماً. . بل لقد ولد مسلماً على التحقيق إذا نحن نظرنا إلى ميلاد العقيدة والروح؛ لأنّه فتح عينيه على الإسلام ولم يعرف قط عبادة الأصنام. . . 2.
الذبيح الثالث
إنّ من قدّر له أن يتصفّح حياته عليه السلام لا يجد فيها شيئاً من الخوف أو التردّد من الموت، إنّ قاموس حياته المباركة خالٍ من ذلك كلّه. إنّ عليّاً عليه السلام قهر الموت وقضىٰ عليه فمن أي شيء يا ترى يخاف؟ !
ولهذا تراه يستسلم ويطيع رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله حينما يُلقي به في لهوات الحرب ويرمي به في أحلك الأمور وأعسرها.
حان الوقت، وجاء اليوم الموعود وتشابكت خيوط المؤامرة وتسابق القوم من هنا وهناك، واجتمع زعماء القبائل في دار الندوة في مكة، وكان فيهم أبو جهل وعروة بن هشام وأبو البختري، وقرّروا أن يضعوا لهذا الأمر نهاية وأن يطووا صفحته إلى الأبد. فجمعوا شجعانهم ليضربوا محمّداً ضربة رجل واحد فيتوزّع دمه هنا وهناك على جميع القبائل فيضيع وتضيع المطالبة به، وحدّدوا لمكرهم هذا وقتاً وموعداً.
هاجر رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله خفيةً وأمر عليّاً بالمبيت تلك الليلة في فراشه، ليعتّم عليهم هجرته، إنّه فراش الموت، فما كان من عليّ إلّاالتسليم والانقياد وهو يعلم