286لذا جاء في الروايات عن أهل البيت عليهم السلام: «إنّ اللّٰه وضع عن النساء أربعاً، وعدَّ منهنّ استلام الحجر» 1.
المبحث الثالث: طبيعة الموقع (بين جبال خشنة ورمالٍ دمثة)
لم يكن هناك سرّ في طبيعة البناء فحسب، بل هناك سرٌّ بل أسرارٌ في طبيعة الموقع الجغرافي لبيت اللّٰه الحرام، والذي يعبّر عنه القرآن الكريم على لسان إبراهيم الخليل عليه السلام: بوادٍ غير ذي زرع .
وقد ركّزت خطبة (القاصعة) على طبيعة الموقع في سياق حديثها عن الاختبار الربّاني التاريخي للبشرية في طبيعة البناء:
النصّ الأوّل: «ثمّ وضعه بأوعر بقاع الأرض حجراً، وأقلّ نتائق الدنيا مَدَراً، وأضيق بطون الأودية قُطرا، بين جبال خشنة، ورمال دمثة، وعيون وشلة، وقُرًى منقطعة؛ لا يزكو بها خُفّ ولا حافر، ولا ظلف» .
إنّه وصف رائع وبليغ لمدى صعوبة ذلك الموقع على صعيد الجغرافيا. . فقد اجتمعت فيه كلّ العناصر التي تجعله موقعاً صعباً، يشقّ على الحجيج مزاره؛ فهو ليس بوادٍ غير ذي زرع فحسب، بل إنّه «من أضيق بطون الأودية قطراً» و «أقلّ نتائق الأرض مدراً» و «أوعر بقاع الأرض حجراً» ! ! ، لتكون تلك البقعة للناس رغم صعوبتها وجدبها وضيقها «مثابةً لمنتجع أسفارهم، وغايةً لمُلقى رحالهم» .
النصّ الثاني: «ولو أراد اللّٰه - سبحانه - أنْ يضع بيته الحرام ومشاعره العظام، بين جنّات وأنهار، وسهلٍ وقرار، جمَّ الأشجار، داني الثمار، ملتفّ البُنى، متضيّل القرى، بين بُرّةٍ سمراء، وروضةٍ خضراء، وأريافٍ محدقة، وعراصي مغدقة، ورياضٍناضرة، وطُرقٍعامرة، لكانقد صغّر قدْرُ الجزاء علىحسبضَعْفِ البلاء» .
يقول العلّامة ميثم البحراني بخصوص النصّ الثاني:
«صغرى قياس ضمير استثنائي حذف استثناؤه. وهي نتيجة قياس آخر من متصلتين تقدير صغراهما: إنّه لو أراد أنْ يضع بيته الحرام بين هذه المواضع الحسنة