24بالتبتّل والانقطاع والعزلة في جبل حراء، فلم يزل حتّى كوشف بالرسالة وأنزل عليه الوحي. وكان رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله يتيمّن بتلك السنة، وبولادة علي عليه السلام فيها، ويسمّيها سنة الخير وسنة البركة، وقال لأهله ليلة ولادته، وفيها شاهد ما شاهد من الكرامات والقدرة الإلهية ولم يكن من قبلها شاهد من ذلك شيئاً: «لقد ولد لنا الليلة مولود يفتح اللّٰه علينا به أبواباً كثيرة من النعمة والرحمة» .
وهنا يقول ابن أبي الحديد: وكان كما قال صلى الله عليه و آله فإنّه عليه السلام كان ناصره والمحامي عنه، وكاشف الغماء عن وجهه، وبسيفه ثبت دين الإسلام وأرست قواعده.
كما يذكر تفسيراً آخر: بأنّه عليه السلام أراد بالفطرة العصمة، وأنه منذ أن ولد لم يواقع قبيحاً ولا كان كافراً طرفة عين قط ولا مخطئاً ولا غالطاً في شيء من الأشياء المتعلّقة بالدين وهذا تفسير الإمامية 1.
فقد روي عن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله أنه قال: «إن سُبّاق الاُمم ثلاثة لم يكفروا طرفة عين: علي بن أبي طالب وصاحب ياسين ومؤمن آل فرعون فهم الصدِّيقون وعليّ أفضلهم» 2.
وعن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله أنّه قال: «ثلاثة لم يكفروا باللّٰه قط: مؤمن آل ياسين وعلي بن أبي طالب وآسية امرأة فرعون» 3.
لم يسجد لصنم قطّ
بعد نعمة تربية رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله له وصناعته كما تريدها السماء، راحت نعمُ اللّٰه تترى على هذا العبد الصالح، وتواكبه فلم تنجّسه الجاهلية بأنجاسها، لم يعبد صنماً قطّ بل لم تمل نفسه إليها أبداً، وهذا أمر ليس سهلاً خاصةً وهو يعيش في مجتمع حالك متسربل برداء الشرك يعيش ركاماً من الجهل والعبودية والطغيان، في بيئة أنّى اتجهت وجدت صنماً يُعبد وتمثالاً يركع له ويسجد، ومن حوله كبار قريش وزعماؤها وقد ملئت بيوتهم بهذه التماثيل وكانوا لها عاكفين.
في مجتمع فاسد كهذا تمّت صياغة علي عليه السلام لأنّ رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله أحسن غذاءه