238يوجب صرف معنى المولى إلى غير معناه الثابت أي: أولوية علي عليه السلام بالمؤمنين من أنفسهم كما هي ثابتة للنبي صلى الله عليه و آله، نعم لو كان النزاع والشكاية قرينةلفظية تصحيحصرف لفظ (المولى) عن معناه وهو الأولى إلى معنى آخر من معانيه المتعددة لأمكن رفع اليد عن معنى الأولى المدلول للفظ المولى، ولكن من الواضح أن مجرد النزاع والشكاية على علي عليه السلام ليست قرينة لفظية توجب صرف اللفظ عن معناه.
التفسير الرابع: علي الأولى بالتفضيل
وقيل: حتى لو اتفقنا مع الشيعة بأن لفظ مولى يعني الأولى، لكن إنما يصح الاستدلال بالحديث على إمامة علي عليه السلام على تقدير القول بأن الأولى هنا لا يراد به الأولى بالتفضيل والتعظيم والاحترام، وإنما يراد به الأولى من أنفسهم في أمرهم ونهيهم وتدبير أمورهم وشؤون حياتهم، ولكن إذا قلنا بأن المراد بالأولى هنا هو الأولى بالتعظيم والاحترام، فإن ثبوت هذه الأولوية لعلي عليه السلام لا يساوق ثبوت الإمامة له.
ويرد عليه:
أولاً: أن الظاهر من الأولى عند استعمالها مطلقاً - أي من غير قرينة لفظية أو مقامية - أن المتكلم يريد الأولى بأن يأمر وينهي فإن أضيفت الأولى إلى الغير؛ وقيل مثلاً: الحاكم أولى من رعيته، فإن المراد به أن الحاكم أولى من الرعية في الأمر والنهي وإدارة أمورهم، وهذا المعنى يساوق معنى الإمامة.
وثانياً: أن النبي صلى الله عليه و آله صدّر كلامه بقوله صلى الله عليه و آله: «ألستُ بأولى من المؤمنين بأنفسهم؟» ثم قال صلى الله عليه و آله بعد ذلك: «فمن كنت مولاه فعلي مولاه اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه» .
وهذا الصدر في كلام النبي فيه دلالة على أن المراد بالأولوية الثابتة لعلي في قوله صلى الله عليه و آله: «فمن كنت مولاه فعلي مولاه» . إنما هي الأولوية التي تناظر الأولوية الثابتة له صلى الله عليه و آله وصرح بها في صدر كلامه، إذ المفروض ان جملة «فمن كنت مولاه فعلي مولاه» معطوفة على صدر كلامه صلى الله عليه و آله الذي ثبتت فيه أولويته