239على المؤمنين من أنفسهم، فيكون صدر الكلام دالاً على الأولوية الثابتة، وأنها كأولوية النبي صلى الله عليه و آله.
التفسير الخامس: علي عليه السلام إمام بعد البيعة:
يرى ابن حجر في الصواعق أن علياً عليه السلام أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وله عليهم حق الأمر والنهي والطاعة، إنما ذلك بعد البيعة له - أي بعد الخليفة الثالث - وإلاّ لكان أولى بالطاعة والأمر والنهي في حياة النبي صلى الله عليه و آله، وهذا مما لا يمكن الالتزام به (85) .
والجواب:
أولاً: أن هذا المعنى للحديث - أي أن علياً سيكون إماماً أولى بالمسلمين من أنفسهم بعد عقد البيعة - يعني أن علياً ليس مولًى للذين ماتوا قبل البيعة له في خمسة وثلاثين من الهجرة، وهذا ينافي عموم مولوية علي عليه السلام لجميع المسلمين، سواء الذين ماتوا قبل البيعة لعلي والذين عاشوا بعدها.
ثانياً: أما ما قيل: بأنه لو حملنا الحديث على فعلية الإمامة لا الصلاحية أو الشأنية، فهذا مما يتنافى مع فعلية أولوية النبي صلى الله عليه و آله بالأمر والنهي والطاعة، فإن ذلك صحيح لو قلنا بأن المراد بإمامة علي إمامة مستقلة في عرض وجود النبي صلى الله عليه و آله؛ ونحن لا نقول ذلك بل إنما نرى أن ولاية علي عليه السلام في طول ولاية النبي على الأمة وفي امتدادها، وليس في عرضها.
وثالثاً: لو كان مفاد حديث الغدير هو: أن علياً له حق الأمر والنهي والطاعة على الأمة وأنه أولى بالمسلمين من أنفسهم ولكن بعد البيعة، فإن هذا المعنى يشترك فيه كل من يظفر بالبيعة على وفق النظرية السياسية للمذاهب الأربعة السنية، فإن كل شخص تبايعه الأمة يكون أولى بالمسلمين من أنفسهم بعد البيعة، فلا يتميز علي عليه السلام بشيء، ولا معنى أيضاً لكلام النبي صلى الله عليه و آله في حديث الغدير، وحاشاه عن ذلك، لأنه يريد فقط أن يقول: إذا بايعت الأمة علياً فهو صالح للإمامة، فيكون معنى كلام النبي صلى الله عليه و آله وحاشاه: لو صار علياً إماماً فهو صالح للإمامة! ! !
وهذا المعنى صادق على كل شخص تبايعه الأمة للإمامة - بل هذا على وفق