237مولاه، بمعنى ليس أولى به من نفسه، وأنه ليس كالنبي صلى الله عليه و آله، وقبل أن يثبت النبي صلى الله عليه و آله إمامة علي على المسلمين. فإن هذا المعنى صحيح؛ لأن النبي صلى الله عليه و آله بعد لم يجعل الولاية (الظاهرة) حسب الفرض إذ إن النبي صلى الله عليه و آله بعد لم ينطق بذلك الكلام. وإن أراد به أن النبي صلى الله عليه و آله فقط سيده وأسامة عبد للنبي صلى الله عليه و آله وأن علياً ليس سيده فمن الواضح أن أُسامة ليس عبداً رقاً للنبي صلى الله عليه و آله أو لعلي. وإن أراد أنه يطيع النبي صلى الله عليه و آله فقط ولا يطيع علياً عليه السلام أو غيره، فمن الواضح أن علياً عليه السلام لم يتأمر على اُسامة ولم يتأمر على أحد إذا لم يؤمّره رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله.
وثانياً: حتى لو فرضنا أن منشأ كلام النبي صلى الله عليه و آله في حديث الغدير المرتبط بعلي عليه السلام هو النزاع الذي وقع بينه وبين أُسامة، فإن ذلك لا يوجب صرف معنى (المولى) عن معناه الظاهر فيه وهو الأولى إلى غيره، بل لعل هذا النزاع وكلام النبي صلى الله عليه و آله عقيبه؛ يؤكد مولوية علي عليه السلام على اُسامة وغيره قبل يوم الغدير وبعده! ! إذ معناه أن أولوية علي ثابتة على اُسامة حين النزاع وأن اُسامة تجاوز حده في رعاية حق علي عليه السلام.
التفسير الثالث: حديث الغدير كان جواباً لبريدة:
أخرج أحمد بن حنبل في مسنده عن بريدة قال: غزوت مع علي اليمن فرأيت منه جفوة (83) فلما قدمت على رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله ذكرت علياً فتنقصته فرأيت وجه رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله يتغير فقال صلى الله عليه و آله: يا بريدة! ألستُ أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول اللّٰه. قال: من كنتُ مولاه فعلي مولاه» (84) .
والجواب:
أولاً: ماتقدم سابقاً من أنه لم ترد شكوى على عليّ في بعثه الثاني إلى اليمن، إنما الشكاية كانت في البعث الأول أي السنة الثامنة، وحديث الغدير في السنة العاشرة من الهجرة، فلا يمكن أن يكون حديث الغدير جواباً لشكاية بريدة على علي عليه السلام التي تقدمت قبل عامين.
وثانياً: حتى لو سلمنا: أن قوماً، أو بريدة شكى علياً إلى النبي صلى الله عليه و آله عند العود من بعثه إلى اليمن، فإن ذلك لا