216كانت معارضة أبي ذر معارضة قوية، يُخشى بأسها، ويعمل حسابها؛ لأنها صادرة من نفس أبية عالية وهمة شامخة، شايعها كثير من صحابة رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله والتفوا حولها 1.
سحب أبو ذر فضل ردائه قائلاً: «لا حاجة لي في دنياكم» قال ذلك بعدما استدعاه الخليفة الثالث من دمشق تلبية لطلب معاوية حيث كتب لعثمان: إن كان لك بالشام حاجة فأرسل الى أبي ذر.
فكتب إليه عثمان يأمره بالقدوم عليه، وبعدما سمع قول عثمان له: «ابق معي هنا بجانبي، تغدو عليك اللقاح وتروح» . . .
فكان جوابه رضوان اللّٰه عليه:
نعم «لا حاجة لي في دنياكم» .
«لا حاجة لي في ذلك تكفي أباذر صُريمتُه. . دونكم معاشر قريش دنياكم فاخذموها ودعونا وربّنا. . لم تكن هذه كلمات فقط، وإنّما كانت مواقف هزّت كيان الظالمين وأرست قواعد للإيمان الصحيح والمواقف المبدئية الصلبة. . .
ومن تلك المواقف:
كان أبو ذر أشدَّ الصحابة غضباً على ما فعله الخليفة الثالث حين ولي الخلافة، فقد قام بتوزيع كثير من أموال بيت المال على من يرغب وهو عطاء غير مسؤول، فقد أعطى مروان ابن الحكم ما أعطاه، وأعطى الحارث ابن الحكم ثلاثمائة ألف درهم، وأعطى زيد بن ثابت مائة ألف درهم. . .
فوقف أبو ذر موقفاً مليئاً بالقوة والشدّة والغضب، وراح يتلو قوله تعالى:
والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل اللّٰه فبشرهم بعذاب أليم.
وجرت محاورات كانت في بعض جوانبها تتسم بالجرأة، وأثبت له خطأ تصرفاته وأنها بعيدة عن الشرع في الوقت الذي راح كثير من الصحابة - وقد