205اقترفناه من حيف وظلم وأذى للآخرين. قدم قومه على رسولاللّٰه صلى الله عليه و آله يتقدمهم الصحابي الجليل ابو ذر الغفاري ليسمع قوله صلى الله عليه و آله:
«غفار غفر اللّٰه لها. . . وأسلم سالمها اللّٰه» .
علمه:
كانأبوذر عالماً عارفاًبالقرآن والحديث، أشادبعلمه جلّ الصحابة، وقد سئل الإمام علي بن أبي طالب عنه، فقال: عَلِمَ العلم ثمّ أوكى (أوكى على ما في سقائه: إذا شدّه بالوكاء: كلّ سير أو خيط يشدّ به فم السقاء. . .) فربط عليه ربطاً شديداً.
وفي قول آخر له عليه السلام: أبو ذر وعاء مُلِئ علماً ثم أوكى عليه فلم يخرج منه شيء، حتى قبض.
وفي قول ثالث له عليه السلام عن أبي ذر: وعى علماً عجز فيه (أعجز عن كشف ما عنده من العلم) وكان شحيحاً حريصاً؛ شحيحاً على دينه، حريصاً على العلم، وكان يكثر السؤال، فيُعطى ويمنع، أَمَا إنه قد مُلِئ له في وعائه حتى امتلأ.
وفي عبارته عليه السلام: «عجز فيه» يبدو أنه أراد أعجز عن كشفه. وقد ورد في طبقات ابن سعد: أعجز عن كشف ما عنده من العلم.
والذي يبدو أنه (أوكى عليه) لأنه لم يجد من يحمله ويستمع اليه كما نرىٰ هذا في موضوع المقاطعة الآتي، وهذا ظلم آخر يضاف الى مظلومية الرجل. وإلّا ما فائدة العلم الذي يبقى مكنوزاً في صدر صاحبه حتى القبر؟ ثمّ إظهار العلم للآخرين مستحب، بل قد يكون أحياناً واجباً، وفيه أجر عظيم. ولا أظنّ أبا ذر كان فيه من الزاهدين.
يقول مالك بن أوس في روايته:
قدم أبو ذر من الشام، فدخل المسجد وأنا جالس، فسلم علينا، وأتى سارية، فصلى ركعتين تجوّز فيهما، ثم قرأ: ألهاكم التكاثر حتى ختمها، واجتمع الناس