202عبده ورسوله. فرأيت الاستبشار في وجه رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله، فقال: «مَن أنت؟» قلت:
«أنا جندب رجل من بني غفار، قال: فرأيتها في وجه النبي صلى الله عليه و آله حيث ارتدع، كأنّه ودَّ أني كنت من قبيلة أرفع من قبيلتي. قال: وكنت من قبيلة فيها رِقّة (قلّة) كانوا يسرقون الحاج بمحاجن لهم 1.
وهناك روايات أخرى في أول اسلامه اكتفينا بهذه دونها.
سيرته:
كان أبو ذر معروفاً في قومه وعند غيرهم بأنه رجل شجاع كريم وعزيز وكبير وعارف وحكيم. . وقبل حمله لهذه الصفات؛ هناك من يقول إنّه كان أيضاً من قطاع الطرق وقد لا تكون هناك غرابة في ذلك - فهو ابن بيئته ومحيطه الذي نشأ فيه - وإن كنت لا أميل إليه ولا تطاوعني نفسي في ذكر ما قيل، فدراستي لأبيذر واطلاعي علىٰ ما يتحلىٰ به هذا الرجل من نبل وشرف حتّىٰ في جاهليته يمنعني كلّ ذلك وغيره عن تصديق هذه الرواية. تقول الرواية: كان أبو ذر رجلاً يصيب الطريق، وكان شجاعاً ينفرد وحده بقطع الطريق ويغير على الصّرم في عماية الصبح على ظهر فرسه، أو على قدميه كأنه السبع، فيطرق الحي، ويأخذ ما يأخذ 2، ثم تمرّد على عادات قومه السيئة قبل إسلامه وعرف بالصلاح. .
فلما قذف اللّٰه تعالى في قلبه الإسلام تحولت حياته الى حياةٍ خصبةٍ معطاء، وغنيةٍ بالعبر والمثل والدروس، وتجسيد للقيم يثير العجب والإجلال له، فإضافة الى قوة الإيمان وصلابته التي يتمتع بها أبو ذر، ورسوخ جذوره في نفسه المباركة، وإضافة الى زهده ونسكه وشجاعته وحلمه. . . كان هناك الصدق الذي أخذ بعداً عظيماً واسعاً في حياته الايمانية والجهادية، هذه الصفة التي تحلّى بها خلقه الشريف ولم يحد عنها قيد أنملة أبداً. ميّزته عمّا حوله من الصحابة والتابعين. فكان بحقّ من أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون 3. بل تفرّد بها حتى كاد أن لا يوازنه