182تقارب أو اتفاق مع محمد علي في مصر ومع البريطانيين. وبعد مرور بضعة أشهر وجد «سادلير» سفينة أوصلته الى الهند، وهكذا حصلت شبه الجزيرة العربية على وصف شامل على يد رجل كاره لذلك، ولكن مضىٰ حوالى خمسين عاماً، قبل أن تُنشر نتائج تلك الرحلة، وأصبحت معروفة عند حلقة واسعة من المجموعات الأدبية والدوائر العلمية في بومباي. ومن ذلك الحين فصاعداً بدت بلاد العرب، وكأنها أصبحت لغزاً أو حصناً محصناً ضد حشرية الغرب، ولم يتجرّأ أحد على اقتحامها سوىٰ بعض الرحالة الذين جلبهم سوء طالعهم الى تلك المناطق 1.
وفي غمرة احتدام التنافس الاستعماري بين القوتين العظميين يومئذ؛ بريطانيا وفرنسا. . بدأت دول غربيّة أخرىٰ في التسلل الى المنطقة تحت واجهات عدّة.
من الطيف الاستعماري
فبعد مرور خمس سنوات على وفاة «بيركهارت» في القاهرة، حيث دُفن هناك، ودُفنت معه أخطر الأسرار عن طبيعة مهمته، لتكون القاهرة على موعد آخر مع شخص غامض قادم هذه المرّة من العالم الجديد (أمريكا) ، وليس من أوروپا، كما كان المألوف في تلك الأيّام! ، وبهذا تكون أمريكا قد دشّنت حضورها الذي سيتكثّف لاحقاً.
ففي عام 1823، وصل «اينجليش» المخبر السري لدىٰ وزير الخارجية الأمريكي «أدامز» الى مصر، واعتنق الاسلام، وانخرط في جيش والي مصر محمد علي (باشا) ، وحاول بكلّ الوسائل أن يوسّع الاتصالات مع السلطات المحلية.
ونتيجة هذا النشاط المتعدد الجوانب وجه الرئيس الأمريكي «جاتسون» 1829م بعثة خاصة الى اسطنبول، بغية توقيع المعاهدة الأمريكية - العثمانية الأولىٰ. وممّا له دلالته أنّ رئيس البعثة هو قائد عمارة المتوسط الأمريكية «بيدل» ، وأنّ أعضاءها هم